نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 268
ولقد رميناه بالكثير من التعسف في غير بحث النحت، كلما وجدناه يعين أصول المواد ومدلولاتها تعيينًا لا يقوم على ذوق سليم. ولكن تكلفه في بعض أمثلة النحت لا يعني فساد مذهبه فيما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف، كما أن تكلفه في بعض المواطن لا ينفي اعتداله في سائر المواطن الأخرى.
ومن تكلف ابن فارس في هذا الباب أنه علل في "المجمل" قولهم: هو أزلي، بهذا لتعليل السقيم: "الأزل: القِدَم، يقال: هو أزلي. وأرى الكلمة ليست بالمشهورة، وفيما أحسب أنهم قالوا للقديم: لم يزل، ثم نسب إلى هذا فلم يستقم إلا بالاختصار[1]، فقالوا: يزلي ثم أبدلت الياء ألفًا[2] لأنها أخف فقالوا: أزلي، وهو كقولهم في الرمح المنسوب إلى ذي يزين: أزني"[3].
ومن تكلفه أنه رد إلى أصلين كلمة عربية أو معربة مع أن لها أصلًا واحدًا عربيا أو أعجميا، فخلط المنحوت بالمشتق تارة، وبالمعرب تارة أخرى.
فمن خلطه المنحوت بالمشتق مثل قوله: "فمن المنحوت قولهم للباقي من أصل السعفة إذا قطعت: "جُذْمُور" ... وذلك من كلمتين: إحداهما الجِذْم وهو الأصل، والأخرى الجذر وهو الأصل. وقد مر تفسيرهما[4]. وهذه الكلمة من أول الدليل على صحة مذهبنا في هذا الباب"[5]. [1] إذ لولا الاختصار لكان عليهم في النسب أن يقولوا: لم يزلي! ومثل هذا لا يستقيم. [2] يقصد بالألف الهمزة، وكثيرًا ما يجعلون إحداهما مكان الأخرى، ولكن التفرقة بينهما أفضل. [3] المجمل 1/ 27، وقارن بالمزهر 1/ 458. [4] يريد أنه فسر هاتين الكلمتين في معجمه "المقاييس". وقد رأيناه في "المجمل" في باب الجيم والذال وما يثلثهما يفسر هاتين الكلمتين أيضًا، وما يقاربهما من الكلمات التي جاءت جميعًا بمعنى "أصل الشيء". ارجع إلى ما ذكرناه حول هذا ص157. [5] المقاييس 1/ 506.
نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 268