الباب الثالث: أسباب إماتة الألفاظ مدخل
... مدخل:
تقوم اللّغة في أصل من أصولها على مبدأ الاختيار والاصطفاء، فتموت ألفاظ فتندثر، وتولد ألفاظ فتحيا وتزدهر، وموت الكلمات نتيجة مباشرة للتطوّر اللّغوي الّذي لا يتوقّف، وهذا التطوّر نتيجة لاستعمال اللّغة وحركتها الدائمة.
وقد تختفي بعض الألفاظ من الاستعمال فتموت لأسباب عديدة، تتّفق في بعضها سائر اللّغات، وتنفرد ببعضها لغات، وللعربيّة أسبابها الخاصّة الّتي أدّت إلى إماتة الألفاظ فيها ممّا حُكِمَ بموته عند تدوينها، وهي ترجع - في الجملة إلى أسباب صوتيّة ومعنويّة، وقد ربط علماء العربيّة القدماء في معرفتهم لفصاحة الكلمة، وشيوعها في الاستعمال، بين عنصرين هامّين من عناصر الكلمة، وهما:
1- العنصر الصّوتيّ.
2- القيمة الدلاليّة.
وهذان العنصران في حقيقة الأمر هما ما يعطيان الحياة للكلمة أو يسلبانها إيّاها فتترك ويستغني عنها ثمّ تموت[1]، وهما كما يلي: [1] ينظر: المولد في العربية 144.