وقد ذهب الشنتمري إلى قياس إعمال الصيغ الخمس جميعاً، كما فعل سيبويه، فقال: (لأنه –أي حَذِر- مُغَيَّر من بنائه للتكثير، كما كان ضروب وضرّاب وغيرهما من الأمثلة) . فـ (الأمثلة) هنا هي (الصيغ) كما وردت في كلام الأشموني والصبان وسواهما. قال ابن هشام في شرح شذور الذهب (392) : (الثالث من الأسماء العاملة عمل الفعل: أمثلة المبالغة، وهي عبارة عن الأوزان الخمسة المذكورة محوّلة من صيغة فاعل بقصد إفادة المبالغة والتكثير) . فقول الشنتمري (كما كان ضِروب وضرّاب وغيرهما من الأمثلة) يعني (كما كان ضروب وضرّاب ومضراب وضريب وضَرِب) أي على وفق ما جاء في كلام الدنوشري.
إذا صح القياس في إعمال فعيل وفَعِل فلا يصح القياس في اشتقاقهما:
مر بنا أن أخذ الأئمة بالقياس في إعمال صيغ المبالغة الثلاث الأولى مرده إلى كثرة تحويل (فاعل) إليها وإعمالها عمله، وأن الكثرة في تحويلها إذا كان قد أتاح القياس في إعمالها فلا شك أنه يأذن بالقياس في اشتقاقها أيضاً. على أن سيبويه ومن تبعه من البصريين قد قالوا بقياس إعمال (فَعِل وفعيل) من صيغ المبالغة، على قلة ما حوّل من فاعل إليهما للمبالغة. وقد أصار هذا بعض البصريين إلى أن يقولوا بالسماع في إعمالهما. واستشهد سيبويه بصحة إعمال (فَعِل) وقياسه بقول الشاعر:
حَذِرٌ أموراً لا تضير وآمن
ما ليس مُنجيَه من الأقدار
قال الإمام الشنتمري (1/58) : (الشاهد فيه نصب أمور بحَذِر لأنه تكثير حاذر. وحاذر يعمل عمل فعله المضارع فيجري حذر عند سيبويه مجراه في العمل لأنه عنده مُغيَّر من بنائه للتكثير، كما كان ضروب وضرّاب وغيرهما من الأمثلة) ، وأردف: (وقد خولف سيبويه في تعدّي فَعِل وفعيل لأنهما بناءان لما لا يتعدّى كبطر وأشر، وكريم ولئيم. وسيبويه رحمه الله لا يراعي في موافقته بناء ما لا يتعدى، إذا كان منقولاً عن فاعل المتعدي للتكثير وهو القياس) .