وقال في موضع آخر: "والمعنى تمنيت أن رجالاً فعلوا في معناكِ ما فعلوا من الهمّ بقتلي.. التقوا معي/324". والأصل التقى فلان وفلان إذا تلاقيا، والتقى الرجال إذا تلاقوا. وقال الجاحظ في بعض رسائله (كتاب الحجاب) : "يتلاقى مع المعارف والأخوان والجلساء".
وثمة (تلاحق) وهو من أفعال المشاركة. ففي الأساس: "وتلاحق القوم وتلاحق الركاب: تتابعوا" قال المرزوقي: "أي تسير النهار كله حتى يتصل سيرها بالليل طلباً للتلاحق معها /1089".
فثبت بذلك أن الفصحاء قد نصوا أو قالوا: اجتمع معه واتفق معه واتحد معه وانتظم معه، كما قالوا: التقوا معهم وتلاقوا معهم بل تلاحقوا معه ... وقد هون هذا على المتأخرين بل استدرجهم إلى أن يقولوا نحواً منه. فقد ذكر الدكتور مصطفى جواد مما جاء على هذا المنوال ما قاله اللغوي البغدادي صاحب خزانة الأدب (1/122) : "روى المرزباني.. أن الوليد بن عبد الملك تشاجر مع أخيه مسلمة"، وما جاء في المستطرف للأبشيهي: "وتخاصم بدوي مع حاج عند منصرف الناس" ذكر جواد ذلك في كتاب (المباحث اللغوية في العراق) . فما الذي قاله النقاد في هذه المسألة؟
ذهب بعض النقاد إلى امتناع قول القائل (تفاعل معه) و (افتعل معه) ما داما من أفعال المشاركة ما لم تنص المعاجم على جواز ذلك فيؤخذ به ولا يقاس عليه كقولهم اتفق معه واجتمع معه ... وقال بعضهم يؤخذ بما جاء في كلام الفصحاء واعتبار ما يكتبونه بمنزلة ما يروونه، فإذا صح هذا صح قولك التقى معه وتلاقى معه وانتظم معه.. وذهب آخرون إلى أن ما ثبت بحكم لابد من الأخذ بقياسه فلا يقتصر فيه على ما قاله العرب واستجازه الأئمة.
فانظر إلى ما جاء في شرح درة الغواص لأحمد شهاب الدين الخفاجي، وبحر العوّام للشيخ محمد بن إبراهيم المعروف بابن الحنبلي الحلبي، في الرد على ما ذهب إليه أبو محمد القاسم الحريري في كتابه درّة الغواص.
القول في إسناد أفعال المشاركة إلى فاعل واحد