وقد تُحْذَفُ النون الثانية من المضارع أيضًا، وعليه قراءة عاصم، {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88] [1] أصله نُنَجِّي بفتح الثاني.
ثانيها وثالثها: الفعل المضارع المجزوم بالسكون، والأمر المبنىّ عليه، نحو {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} 2 يُقرَأ بالفك[3]، وهو لغة الحجازين، والإدغام، وهو لغة التميميين، ونحو قوله تعالى: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} [لقمان: 19] ، قول جَرير يهجو الراعيَ النُّميريَّ الشاعر:
فَغُضّ[4] الطرْفَ إنكَ مِنْ نُمَيْرٍ ... فَلا كَعْبًا بَلَغْتَ وَلا كِلابَا
وقد تقدّم ذلك فى حكم المضعّف. والتزموا فك أفْعَل فى التعجُّب، نحو أحبْبْ بزيد، وأشْدِدْ بِبَيَاضِ وَجه المُتقِينَ، وإدغامَ هلُمَّ لثقلها بالتركيب، ولذا التزموا فى آخرها الفتحَ، ولم يجيزوا فيها ما أجازوه فى نحو ردَّ ورشُدَّ، من من الضم للاتباع, والكسر على أصل التخلص من التقاء الساكنين فهما مُستثنيان من فعل الأمر، واستثناؤهما منه فى الأول بحسب الصورة؛ لأنه فى الحقيقة ماض، وفى الثانى على لغة تميم؛ لأنه عندهم فعلُ أمرٍ غيرُ متصرِّف تلحقه الضمائر، بخلاف الحجازيين، فإنه عندهم اسمُ فِعْلِ أمر لا يلحقه شيء، وبلغتهم جاء التنزيل. قال تعالى: {هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب: 18] {هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمْ} [الأنعام:150] . [1] وهنا ملاحظة أصلها في قراءة حفص عن عاصم وابن كثير وغيرهم {نُنْجي} ولكن شعبة عنده هذه القراءة بإرجاعها إلى الأصل هكذا: "وكذلك نُجِّي المؤمنين". ن. [3] الفك هنا يعني: "إرجاع الحرفين اللَّذَين جَمَعَتهُما الشدَّة إلى أصليهما لفظًا وكتابةً". ن. [4] ومثاله قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} . ن.