والأشكال المؤلَّفة، فاعلم أنها القضيّة في التمثيل واعمل عليها، واعتقِد صحّة ما ذكرتُ لك من أنّ أخْذَ الشَبَهِ للشيء مما يخالفُه في الجنس وينفصل عنه من حيث ظاهر الحال، حتى يكون هذا شخصاً يملأ المكان، وذاك معنًى لا يتعدَّى الأفهام والأذهان وحتى إن هذا إنسانٌ يعقِلُ، وذاك جمادٌ أو مَوَات لا يتّصف بأنه يعلَم أو يجهل وهذا نورُ شمس يبدو في السماء ويطلُع، وذاك معنى كلامِ يُوعى ويُسمع وهذا روحُ يحيا به الجسد، وذاك فضل ومكرمةٌ تؤثَر وتُحمَد، كما قال:
إنَّ المكارم أرواحٌ يكونُ لها ... آلُ المهلَّب دُونَ النَّاس أجسادَا
وهذا مقالُ متعصّبٍ مُنكِر للفضل حَسُودٍ، وذاك نارٌ تلتهب في عُود، وهذا مِخلاف، وذاك وَرَق خِلاَف، كما قال ابن الرُّومِيّ:
بَذَل الوعدَ للأخِلاّءِ سَمْحاً ... وأبَى بَعْدَ ذاكَ بَذْلَ العَطَاءِ
فغدَا كالخِلافِ يُورِقُ للعَي ... نِ ويأبى الإثمار كلَّ الإباء
وهذا رجلٌ يروم العدُوُّ تصغيره والإزراءَ به، فيأبى فضلُه إلاّ ظهوراً، وقدرُه إلا سموّاً، وذاك شهابٌ من نار تُصوَّبُ وهي تعلو، وتُخْفَض وهي ترتفع، كما قال أيضاً:
ثم حَاوَلْتَ بالمُثَيْقِيلِ تصْغي ... ري فما زِدْتني سِوَى التَّعظيم