responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أسرار البلاغة نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر    جلد : 1  صفحه : 165
والعبرة الثانية أن ما يقتضي كونَ الشيء على الذِّكر وثبوتَ صورته في النفس، أن يكثُر دورانُه على العيون، ويدوم تردُّده في مواقع الأبصار، وأنِ تُدركه الحواسُّ في كل وقت أو في أغلب الأوقات وبالعكس، وهو أنّ من سبب بُعْد ذلك الشيء عن أن يقع ذكره بالخاطر، وتَعْرِض صورتُه في النفس، قِلّة رؤيته، وأنه مما يُحَسُّ بالفَينة بعد الفينة، وفي الفَرْطِ بعد الفَرْط، وعلى طريق النُّدرة، وذلك أن العيون هي التي تحفظُ صُوَر الأشياء على النفوس، وتجدِّدُ عهدها بها، وتحرسُها من أن تدْثُر، وتمنعها أن تزول، ولذلك قالوا: من غاب عن العين فقد غاب عن القلب، وعلى هذا المعنى كانت المُدارسة والمُناظرةُ في العلوم وكُرُورها على الأسماع، سَبَبَ سلامتها من النِّسيان، والمانعَ لها من التفلُّت والذَّهاب، وإذا كان هذا أمراً لا يُشكُّ فيه، بانَ منه أنّ كل شَبَهٍ رَجع إلى وصف أو صورة أو هيئةٍ من شأنها أن تُرَى وتُبصرَ أبداً، فالتشبيه المعقود عليه نازل مُبتذَل، وما كان بالضدّ من هذا وفي الغاية القُصْوَى من مخالفته، فالتشبيه المردُود إليه غريبٌ نادرٌ بديع، ثم تتفاضل التشبيهات التي تجيء واسطةً لهذين الطَّرَفين، بحسن حالها منهما، فما كان منها إلى الطَّرَف الأول أقرب، فهو أدنى وأنزل، وما كان إلى الطَّرَف الثاني أذهب، فهو أعلى وأفضل بوصف الغريبِ أجدر.

نام کتاب : أسرار البلاغة نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر    جلد : 1  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست