واعلم أن قولنا التفصيلُ عبارةٌ جامعة، ومحصولها على الجملة أنَّ معك وصفين أو أوصافاً، فأنت تنظر فيها واحداً واحداً، وتَفْصِل بالتأمّل بعضها من بعض وأنّ بك في الجملة حاجةً إلى أن تنظُر في أكثر من شيء واحد، وأن تنظر في الشىء الواحد إلى أكثر من جهة واحدة. ثم إنه يقع في أَوْجُهٍ أحدها وهو الأَوْلَى والأحقّ بهذه العبارة أن تفصّل، بأن تأخذ بعضاً وتدع بعضاً، كما فعل في اللَّهب حين عزل الدخان عن السَّنا وجرَّده، وكما فعل الآخر حين فَصَل الحدق عن الجفون، وأثبتها مفردةً فيما شبّه، وذلك قوله:
لها حَدَقٌ لم تتَّصِلْ بجُفُونِ
ويقع في هذا الوجه من التفصيل لطائف، فمنها قول ابن المعتّز:
بطارح النظرة في كل أُفُقْ ... ذي مِنْسرٍ أَقْنَى إذا شَكَّ خَرَقْ
ومقْلَةٍ تَصْدُقُه إذا رَمَقْ ... كأنَّها نَرْجَسةٌ بِلاَ وَرَق
وقوله: