نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 173
الظروف إلى غيرها إذ كنّ قد أزلن عن أصولها فإذا قلت: آتيك ضحوة يومك وعشاءه، لم يكن سبيله سبيل ما هو عام فيما وضع له، فلا يحصل به اختصاص، بل هو موضوع موضع الضّحوة بالعرف، فصار يجري مجرى المعهود للمخاطب، أو المضاف نحو قولك: ضحوة يومي وإذ كان كذلك بان الفرق بين الموضعين، لأنّ حكم اسم الجنس أن يكون شائعا في الأصل.
ثم يحصل التّعريف فيه بوجه من الوجوه المعروفة وقولهم: عتمة مصدر مثل الغلبة ومعناه الإبطاء والتأخّر قال:
يذكّرني ابني السّماكان موهنا ... إذا طلعا خلف النّجوم العواتم
إلا أنّه يستعمل ظرفا كما استعمل غيره من المصادر ظرفا، كخفوق النّجم، وخلافة فلان، وغير ظرف أيضا يقول: سير عليه عتمة فينتصب انتصاب اليوم والليلة ويجوز أن يسند إليه الفعل، فيقال: سير عليه عتمة من العتمات، فيدخل الألف واللام وقد يلزم الظرفية فلا ينتقل وذلك إذا أردت به عتمة ليلة، هذا مذهب سيبويه وكان الأخفش يقول: ضحوة وعتمة إذا كان في يومك لرفعهما أيضا، حتى أخذ العرب تمنع منه.
فأما غدوة فإنّه اسم مشتقّ من قولك: غداة، فلقّب به الوقت، فصار علما له كما وضع زيد علما للرجل، فلذلك منع الصّرف، إذا قلت سيّرته غدوة، لأنه معرفة، وجاز فيه ما جاز في يوم الجمعة وأشباهه، لأنّه معرف من جهة التّعريف، يقول: سير بزيد غدوة وإن شئت نصبت على أصل الظّرف، ويكره فيها مثل ذلك إذا حملتها على غدوة، لأنّ المعنى واحد، وإن أردت أن تجعلها كعشية وضحوة، فجيّد، وإنّما جعلوها معرفة تشبيها بما كان في معناها وهي غدوة، لأنّها غيّرت بالتّعريف كما غيّرت غدوة وامتنعت من الألف واللام، ونظير جعلهم نكرة بمنزلة غدوة، إذ كانت في معناها رفع الاسم ونصبهم بها الخبر وإجراءها مجرى ليس، إذ كانت في معنى ليس وإن ثبت تركها غير مشبهة فرفعت ما بعدها، وكذلك قولك: ودع يدع إنمّا كان الكسر نحو يعد ويزن، ولكن تعيّن فتحها وأجريت يذر مجراها لأنّها في معناها ولأنّ الفتحة أخفّ ولهذه نظائر.
فإن قلت: قد قرأ أبو رجاء المطاردي بالغدوة والعشي، فجعلها شائعة كما تقول:
جاءني زيد وزيد، تريد جماعة اسم كلّ واحد منهم، فيقول المجيب: ومن الزيّد الأوّل والزّيد الآخر. وهذا الزّيد أشرف من ذاك الزّيد، وعلى ذلك كانت تثنية المعرفة وجمعها إذا كانت غير مضافة يخرجها إلى النّكرة، لأنّ كلّ واحد يصير مرامه لكلّ واحد منها مثل اسمه، وتضيف زيدا وما أشبهه كما تضيف النّكرة لأنّه يصير معرفة بما أضيف إليه، كما قال الشّاعر:
نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 173