نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 29
وأما قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ
[سورة النحل، الآية: 48] الآية فقوله: من شيء من دخلت للتّبيين كدخولها مع المعرفة في قوله: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ
[سورة الحج، الآية: 30] والمعنى من شيء له ظّل كالشّخوص، ومن هذه قد تجيء مع النّكرة فتلزم ولا تحذف تقول: من ضربك من رجل وامرأة فاضربه. هذا في الجزاء كقوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ
وإنّما كرهوا حذف من لأنهم خافوا أن يلتبس الكلام بالحال إذا قلت إلى ما خلق الله شيئا، ومعنى الحال ها هنا بعيد فألزموه من ليعلم به أنه تفسير وتبيين لما قد وقع غير مؤقت يكشف هذا أنّك لو قلت: لله درّه من رجل، جاز أن يقول: لله دره رجلا، ومن رجال فإنك قد أمنت الالتباس بالحال إذا لم يكن ذلك موضعه.
فأما قولك: لله درك قائما، فإنّما جاز سقوط (من) لأنّ الذي قبله مؤقت فلم يبال التباسه بالحال، قوله تعالى: يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ
[سورة النحل، الآية: 48] معناه ما قدّمته في بيان قوله تعالى: كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً
[سورة الفرقان، الآية: 45] وكشفه أن جميع ما خلقه عزّ وجلّ ظلّه يدور معه ويمتدّ لا ينفك منه حتى لو رام انسلاله من دونه لما قدر عليه يصحبه مقبلا ومدبرا، وكيف مال زائدا عليه وناقصا منه ليذكره عجزه، ويصوّر له أنه على تصرفه المتين في لزام أضعف قرين وذلك تفيؤة أي ترجعه يمنة ويسرة ومتنعلا من تحت، ومعتليا من فوق على حسب اختلاف الأحوال، فيكون للأشخاص فيء عن اليمين والشمائل إذا كانت الشّمس على يمين الشخص، كان الفيء عن شماله، وإذا كانت على شماله كان الفيء عن يمينه، وقيل: أول النّهار عن يمين القبلة، وفي آخره عن شمال القبلة، ومعنى قوله: سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ
[سورة النحل، الآية: 48] انها بآثار الصّنعة فيها خاضعة لله تعالى، وذكر السّجود قد جاء في هذا المعنى في غير هذا الموضع قال: (غلب سواجد لم يدخل بها الحصر) ، وقال آخر:
بجمع تضلّ البلق في حجراته ... ترى الأكم فيها سجّدا للحوافر
والمراد الاستسلام بالتسخير والانقياد.
فأما قوله تعالى: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ
[سورة الكهف، الآية: 17] بعد أن قال: فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً
[سورة الكهف، الآية: 11] فمعنى ضربنا على آذانهم أي أمتناهم، ومنعناهم الإدراك، ويقال في الجارحة: إذا أبطلتها ضربت عليها، وفي الممنوع عن التصرف في شيء ضربت على يده، ومعنى تزاور، وتزور تنحرف عنهم، أي تطلع على كهفهم ذات اليمين ولا تصيبهم، والعرب تقول: قرضته ذات اليمين، وقرضته ذات الشمال، وقرضته قبلا وقرضته دبرا، وحذوته ذات اليمين وذات الشمال، أي كنت بحذائه من كلّ ناحية، وأصل القرض القطع- أي تعدل عنهم وتتركهم.
نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 29