نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 30
وقيل: إنّ باب الكهف كان بإزاء بنات نعش فلذلك لم يكن الشّمس تطلع عليه وإنما جعل الله تعالى ذلك آية فيهم، وهو أنّ الشّمس لا تقربهم في مطلعها ولا عند غروبها. وقال الله تعالى: وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ
[سورة الرحمن، الآية: 6] وقد بيّن الله المراد بما ذكرنا في آية أخرى فقال تعالى: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ
[سورة الرعد، الآية: 15] يريد الانقياد في الطاعة من الملائكة والمؤمنين في السّماوات والأرضين، وأنه يستسلم من في الأرض من الكافرين كرها وخوفا من القتل، وظلالهم بالغدوّ، والآصال يؤدّي ما أودع من آيات الحكم وغرائب الأثر فسبحانه من معبود حقّت له العبادة من كلّ وجه، وعلى كل حال فلا يتوجه إلا إليه وإن قصد بها غيره، ولا تليق إلا به دون من سواه والدّاخر: الصّاغر، ويقال: تفيّأت الشّجرة بظلها إذا تميلّت. فأما قوله شعرا:
تتبّع أفياء الظّلال عشيّة ... على طرق كأنّهن سبوب
فإنما أضاف الأفياء إلى الظّلال لأنه ليس كلّ ظل فيئا، وكل فيء ظل، وتحقيق الكلام تتبع ما كان فيئا من الظلال، ومثله في الاتساع قول الآخر:
لمّا نزلنا نصبنا ظلّ أخبية ... وفاز باللّحم للقوم المراجيل
لأن المنصوبة هي الأخبية، ويقال: أظلّ القوم عليهم أي أوقعوا عليهم ظلالهم، وإنما قال: وهم داخرون، لأن المنسوب إليها من أفعال العقلاء، فأعيرت عبارتهم، وقد مضى مثل هذا.
ومنه قوله تعالى: فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ
[سورة الروم، الآية: 17] إلى تظهرون.
اعلم أنّ قولك: سبحان مصدر كقولك: كفران، وغفران إلا أنّ فعله لم يستعمل، ولو استعمل لكان سبح مثل كفر وغفر، ومعناه التّبعيد من أن يكون له ولدا، ويجوز الكذب عليه والتّنزيه له، والبراءة من السّوء وكل ما ينفى عنه إلا أنه التزم موضعا ولم يجر مجرى سائر المصادر في التّصرف والاستعمال. وذلك أنّه لا يأتي إلا منصوبا مضافا وغير مضاف، لكنّه إذا لم يضف ترك صرفه فقيل: سبحان من زيد، قال الأعشى شعرا:
أقول لمّا جاءني فخر ... فسبحان من علقمة الفاخر
فلم يصرفه لأنّه معرفة في آخره ألف ونون زائدتان فهو كعثمان، وسفيان كأنّه أجرى مجرى الإعلام في هذا، وهم يحملون المعاني على الذّوات في تخصيصها بأشياء كالأعلام لها، وعلى ذلك أسماء الأفعال، فأمّا قولهم: سبّح تسبيحا، فهو فعل بني على سبحان، ومعنى سبّح الله، أي قال: سبحان الله فهو عروض قولهم: بسمل إذا قال بسم الله، وقد
نام کتاب : الأزمنة والأمكنة نویسنده : المرزوقي جلد : 1 صفحه : 30