نام کتاب : الأسلوب نویسنده : الشايب، أحمد جلد : 1 صفحه : 33
وكسب، وفي ذلك زراية به، ونقل له من ميدان الفن الجميل إلى دائرة الحرف والصناعات.
ج- والبلاغة بعد ذلك أشد ما تكون صلة بالفن الجميل؛ لأنها في الحقيقة أحد هذه الفنون كالرسم، والتصوير، والموسيقى، والنقش، ونستطيع هنا أن نذكر بعض نقاط المشابهة بين البلاغة وبين سائر هذه الفنون1:
1- القدرة على التعبير الجميل هبة طبعية، كحاسة السمع للموسيقى، والبصر للألوان والتناسب بينها، وهذه القدرة متفاوتة الدرجات بين الناس وفي الأحوال المختلفة، فقد تكون مرهفة يقظى تدرك الفصاحة، ومواطن الجمال بداهة كما تحسن ارتجال القول المؤثر الجميل، وقد تكون فاترة هادئة، فهي محتاجة إلى ما يوقظها ويشحذها من قراءة عميقة أو استماع إلى نصوص جميلة، ولكنها على أية حال كافية للإنشاء العادي والكتابة العلمية الواضحة، وهذه الموهبة الطبعية هي السر الأول في النبوغ البياني والعبقرية، وقد أسبقنا أن ذوي الملكات الفنية أقدر الناس على الابتكار، وأصدقهم حكما على الآثار الكتابية، وأكثرهم انتفاعا بالدراسات النظرية.
2- طالب البلاغة كغيره من طلاب الفنون الأخرى، لا يكتفي بهذه الموهبة الطبعية بل يحاول دائمًا صقلها، وتهذيبها، وترقيتها لتقوى، ويطرد نموها لتجاوز الدرجة الوسطى إلى مستوى النبوغ والابتكار، وهنا نرى طرافة الأساليب وجدتها، وفرضها على الأدب والأدباء -فعل ذلك الجاحظ قديمًا، ويحاوله كثير من المعاصرين والمحدثين- ولولا ذلك لعاش الناس في درجة ابتدائية ووقفت حركة التجديد.
1 راجع صحيفة دار العلوم عدد 2 من السنة الثالثة للمؤلف.
نام کتاب : الأسلوب نویسنده : الشايب، أحمد جلد : 1 صفحه : 33