ورقى العقارب، ولكنه لا يمكن أن يكون له أدنى صلة بالفنّ والنثر الفنّي، إذ هو من قبيل قوله- وقد أثبته- كما قلت- بنفسه: «الله شاء إن المحاضر. صدور بها وتملأ المنابر. ظهور لها وتفرغ الدفاتر. وجوه بها ومشق المحابر ... » [113] . فهل يعقل أن يكون البديع قد غلب أبابكر بمثل هذا؟
أما إذا لم تشتر ذممهم، فإنّهم كانوا من انعدام الحسّ النقدي في تقويم النثر بمهوى سحيق.
ولم يكن لمثل هذه الحال أن تسرّ أبابكر حتى ولو حكم له بالغلبة، فأنف- كما هي طبيعة الأمور- منها «وانخزل انخزالا شديدا، وكسف باله، وانخفض طرفه، ولم يحل عليه الحول حتى خانه عمره، ونفذ قضاء الله تعالى فيه، وذلك في شوّال سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة ... » [114] في نيسابور.
ولم يكتف البديع بوفاته، ولا من هم وراءه، فرثاه «بأبيات دسّ [113] نفسه: 78 وينبغي ألّا يفهم حكمي على نثر البديع مطلقا، ولا على قراءة القطعة بوجهين. [114] اليتيمة 4: 209، وفي الأنساب: 210 وأن وفاته كانت «للنصف من شهر رمضان» من العام، وتابع ابن العماد في الشذرات 3: 106 رواية الأنساب واضطرب ابن الأثير فجعل وفاته في 7: 162 سنة 383 ثم عاد في 7: 221 فجعلها سنة 393 هـ وهو وهم منه. وكذلك وهم ابن نظيف الحموي حين جعل وفاته في التاريخ المنصوري: 70 ظ سنة 402.