قال: لما توفى عمر ركب صدر راحلته حتى أتى المدينة.
وكان عمر غيورا والغيرة من أحمد أخلاق الرجال، وعابوا على معاوية ثلاثا تعين على السؤدد، «1» الجلح، واندحاق البطن، وتركه الافراط فى الغيرة، والجلح انحسار الشعر عن مقدم الرأس، واندحاق البطن خروجه وكبره، ومن أعجب ما روى فى الغيرة ان عبد الله بن الزبير وقف لابيه الزبير بباب داره وقال: لا أتركنك تدخل حتى تطلق أمى فان مثلى لا يحسن أن تكون له أم توطأ، فطلقها، فتركه فدخل، ومما يدل على شدة غيرة عمر- رضى الله عنه- ما أخبرنا أبو أحمد عن أبى بكر بن دريد عن أبى حاتم عن أبى عبيدة قال: تناشد الناس شعرا على عهد عمر- رضى الله عنه- ثلاث سنين ثم ذكر رجل أنه قاتل قائله، فقال عمر: كيف كان شأنك وشأنه؟ فقال: أقبلت حتى نزلت قرية فى الليل واذا مصباح فى بيت رجل يغنى:
وأشعث غرّه الاسلام منّى ... خلوت بعرسه يوم التّمام «2»
فقال عمر: اقتحم عليه، فقال: قد فعلت، ثم قال:
أتيت على ترائبها وتسرى ... على جرداء لاحقة الحزام «3»
فقال عمر: أقتل، قال: قد فعلت، قال أبعده الله الى النار، ثم زاد فيها
كأنّ مجامع الويلات منها ... قيام ينظرون الى قيام
ومنه ما روى لنا أبو أحمد قال: تذاكرنا غيرة عمر بالبصرة، فقال ابن