النبى- صلّى الله عليه وسلم- الى سوق المدينة فقال: ان سوقكم هذا لا يضيق، ولا يؤخذ منه خراج او غلة، «1» قال عيسى ابن طلحة: فأطعمه عثمان الحارث بن الحكم، فأنكر الناس ذلك، فخطبهم وقال: ان الله أمر بصلة الرحم، ان أبا بكر وعمر رأيا رأيا، لا نقول انهما أخطآ، رأيا ان يمنعا المال أقاربهما، فلما وليت كان لى قرابتان، أقل قومهم مالا، بهم حاجة، فرأيت أن أصلهم، فأعطيت مروان خمس أرمينيه، فبلغ خمسة عشر ألف درهم، وجعلت الحارث على السوق، يأخذ كل يوم درهمين، ولعله لا ينقلب الا بدرهم، وكان امرا ذا حاجة، وزوجت عبد الله بن خالد بن أسيد،- وكان من أقل قريش مالا- فصنعت شيئا وان رأيتم ذا سرفا وخطأ فخذوه، فقد عرفتم مكانه، وإن لم يكن سرفا ففيم النكير؟
وأمر أبى ذر. قال أصحابنا: ان أبا ذر كان يذهب الى أن المسلم لا ينبغى أن يكون فى ملكه أكثر من قوت يومه، إلا شيئا ينفقه فى سبيل الله، او يعده لغريم، ويتأول على ذلك قوله تعالى وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ
«2» الآية قالوا: فاختار الخروج الى الرّبذة «3» زهدا منه فيما فى أيدى الناس، وكذلك روى عن الحسن، ومما يصدقه ما أخبرنا به أبو أحمد عن الجوهرى عن أبى زيد عن اسحاق بن ادريس بن بكار أن عبيد الله بن العباس قال: كان أبو ذر يقول: لا يبيتن فى بيت أحدكم دينار ولا درهم ولا ذهب ولا فضة الا شيئا ينفقه فى سبيل الله، أو يعده لغريم، «4» فبعث اليه معاوية جنح «5» الليل ألف دينار، أراد أن يخالف قوله فعله، فلما جاءته قسمها، فلم يصبح وعنده منها دينار واحد، فقال معاوية للرسول: انطلق الى أبى ذر وقل له: