العدو ليلا فسمعوه يقول لغلامه: ألبد الجواد «1» فاستظرفوا توقيه الراء، وهو يكلم غلامه والاظرف أنه كان على ذلك الحال من المخافة والانزعاج.
وبلغه ان بشار بن برد الشاعر ذكر عنده عمر فنال منه، وعثمان فشتمه، ثم على رضى الله عنهم جميعا فأنشد:
وما خير الثّلاثة أمّ عمرو ... بصاحبك الّذى لا تصحبينا
فقال واصل: اما هاهنا أحد يذهب الى هذا الاعمى المشنف المكنى بأبى معاذ فيبعج بطنه على مهاده، فقال: الاعمى ولم يقل: الضرير، وقال المكنى بأبى معاذ ولم يقل: بشار، وقال: المشنف ولم يقل: المرعث- وذلك ان بشارا كان يلقب المرعث، والمرعث المقرط، والرعث القرط، والمشنف المقرط أيضا، والشّنف القرط الذى يعلق فى أعلى الأذن- وقال:
يبعج ولم يقل: يبقر، وترك الفراش، وقال: المهاد.
واما قولهم: واصل الغزال، فلم يكن غزالا، ولكن كان يجلس الى أبى عبد الله الغزال مولى قطن الهلالى، وكان رضيعه ومن مستحبيه، وذلك مثل ما قيل لابراهيم بن يزيد الخوزى، ولم يكن خوزيا، وانما كان ينزل بمكة بشعب الخوز وأبو سعيد المقبرى ليس بنسب، ولكن كان ينزل المقابر، وقد أجمع أصحابنا أن واصلا لم يمس بيده دينارا ولا درهما قط، ولذلك قال الاسباط بن واصل الشيبانى فى كلمة يرثى فيها واصلا:
ولا صرّ «2» دينارا ولا مسّ درهما ... ولا عرف الثّوب الّذى مرّ قاطعه
يقول: لم يدر كم شبرا يقطعه، كما تعرف التجار وقد علمنا ان دعاة واصل فى الآفاق، ورسله الى الاطراف، أنبل من جميع رؤساء النحل. وكان