ما كان مستغنيا ان يقوله مما لا تتحمل الامراء فضلا عن الخلفاء مثله، فكتب المنصور حين قرأ قوله: «ومتى غدر أمير المؤمنين بعمه عبد الله، فنساؤه طوالق، ودوابه حبس، وعبيده أحرار، والمسلمون فى حل من بيعته» فاشتد ذلك على المنصور جدا، وخاصة أمر البيعة، فكتب الى سفيان بن معاوية- وهو أمير على البصرة- أن اقتل ابن المقفع، فقتله.
ولم يكن فى العرب أزكى من الخليل بن احمد، وهو مفتاح العلوم ومصرفها.
أخبرنا أبو أحمد عن الصولى قال: سمعت احمد بن يحيى يقول: انما وقع الغلط فى كتاب العين لان الخليل رسمه ولم يحشه، ولو حشاه ما أبقى فيه شيئا، لان الخليل لم ير مثله، وقال: حشا الكتاب قوم علماء، الا انه لم يؤخذ عنهم رواية، وانما وجد بنقل الوراقين، فاختل الكتاب لهذه الجهة.
أخبرنا أبو أحمد عن الصولى، عن محمد بن يحيى الادمى عن عبد الله بن الفضل عن أبيه قال: كان عندنا رجل يعطى دواء لظلمة العين، ينتفع به الناس فمات. فأضر ذلك بمن كان يستعمله. فذكر ذلك للخليل فقال: أله نسخة؟ فقالوا لم نجد نسخة. قال: فهل كانت له آنية يعمل فيها؟ قالوا:
نعم. قال: فجيئونى بها، فجاءوه بها، فجعل يتشممه ويخرج نوعا نوعا، (حتى ذكر خمسة عشر نوعا،) «1» ثم سأل عن جمعها، ومقاديرها، فعرف ذلك ممن يعالج مثله، فعمله وأعطاه الناس، فانتفعوا به، مثل تلك المنفعة، ثم وجدت النسخة فى بعض كتب الرجل، فوجد الاخلاط ستة عشر خلطا كما ذكر الخليل، لا يغفل منها الا خلطا واحد.
حدثنا أبو أحمد عن الصولى عن اسحاق بن ابراهيم القزاز عن ابراهيم التيمى قال: سمعت عبد الله بن داود الحرسى يقول: قال الخليل بن احمد: