الاقتصار على بيان بعض النسب:
بعد بيان هذه الدوائر الأربع لعطاء الجملة الكلاميّة، نلاحظ أنّه قد لا يستدعي موضوع الجملة أكثر من الدائرة الأولى، وقد يستدعي موضوعُها الدائرة الثانية، أو الدائرة الثالثة، أو الدائرة الرابعة.
ومع استدعاء موضوع الجملة أكثر من الدائرة الأولى، فقد يتعلَّق غرضُ المتحدّث بالاقتصار على بعض النِّسَب وإغفال بيانِ ما يتعلَّق بالنِّسَبِ الأُخرى، وله ذلك متى أفاد بحديثه ما يريد إبلاغَهُ من الإِسناد، وأدناه الدائرة الأولى، ويكون فيها إسنادُ شَيْءٍ إلى شيءٍ بجملةٍ تُقَدِّمُ فائدةً ما. ودون ذلك يكون الكلام ناقصاً ولَغْواً.
ولا بُدَّ من ملاحظة أنَّ المحذوف المقدَّر الذي يُمْكن إدْراكُهُ وتصوُّرُهُ ذهْناً لوجود قرينة تدلُّ عليه لفظيَّةٍ أو غير لفْظيَّة، هو كالمذكور، ولدى علماء العربية والبلاغيّين ضوابط لذلك.
***
(8) نظرة حول ما يُسَمَّى فضلةً في الجملة عند النحويين
لعلّ ما يَصِفُه النحويون في الجملة الكلاميّة بأنه فضلَةٌ يقْصِدون به أنَّهُ عطاءٌ فكريٌّ زائدٌ على أصغر دوائر الجملة الكلاميّة المفيدة.
فالّذي أرَاه أنَّه لا تُوجَدُ في الجملة الكلامية كلمةٌ تُؤدّي معنىً مقصوداً بالبيان، لا تؤدّيه كلمةٌ أخرى غيرها تأدِيَةً مباشرةً، يَصِحُّ أن تُسَمَّى لدى التحقيق فضلةً في علم المعاني، لأنّ الفضلةَ يَنْبَغي أنْ تُطْلَق على ما في الكلام من ألفاظٍ تدلُّ على معنىً هو زائدٌ على المطلوب بيانُه والتَّعْريفُ به.
فإذا قال النحويُون أو البلاغيّون تبعاً للنحويّين: إنّ ما زاد على رُكْنَي