الإسناد "المسند والمسند إليه" في الجملة الكلامية هو فضلة، كالمفاعيل وسائر متعلّقات الفعل، فَقَصْدُهُمْ من ذلك فيما أرَى أنّ الجملة المفيدة لا بُدَّ فيها حَتْماً مِنْ رُكْنَيْ الإِسناد، وإلاَّ كان الكلام غير مفيد، فما زاد على ذلك يعتَبَرُ زائداً على أدْنَى ما يَجبُ أَنْ تُبْنَى بِه جملةٌ كلاميّةٌ مفيدة، لا أنّه زائد على ما يَقْصِدُ المتكلِّمُ بيانه.
إذْ كُلُّ فِكْرَةٍ دلَّ عليها لفظٌ في الكلام - مهما دقَّتْ هذه الفكرة - إذا كانت مقصودة بالبيان، فإنَّه يُمْكِنُ أن تُصَاغَ لأَجْلِها جُمْلَةٌ مفيدة من "مُسْنَدٍ ومُسْنَدٍ إلَيْه" وأن تكون هذه الجملةُ منفصلة مستقلّة، إلاَّ أنّ الاقتصادَ في التعبيرَ جعل الْجُمْلةَ تَسْتَوْعِبُ بتعلّقات الإِسناد في المفاعيلِ، وبقيود الإِسناد، وقيودِ الْمُسْنَدِ، وقيودِ الْمُسْنَدِ إليه عِدَّةَ جُمَلٍ، وهي لَوْ حُلِّلَتْ وَفُصِّلَتْ لكانت في بعضها جملتين، ولكانت في بعضها ثلاثَ جُمَلٍ، وفي بعضها أرْبعَ جمل، وخَمْسَةً وسِتَّةً وأكثر من ذلك، بعَدَدِ المتعلّقاتِ والقيود.
بهذا البيان التحليلي لا يصِحُّ أنْ نعتبر في مثل عبارة: "ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْراً" أنَّ "عَمْراً" فضلة، لأنّ فكرةَ وقُوع ضَرْبِ زيْدٍ على عَمْروٍ فكرةٌ مقصودةٌ بالبيان، تُصَاغُ لَهَا جُمْلَةٌ خاصَّةٌ مفيدة، نَقُولُ فيها: "ضُرِبَ عَمْروٌ" أو "عَمْروٌ مَضْرُوبٌ"، وهكذا سائرُ متعلّقاتِ الجملة الكلاميّة وقيودُها.
أمّا الفضلة الحقيقيّة فهي الكلمة التي لا تُضِيفُ إلى معنى الجملة معنىً مقصوداً بالبيان، كالمترادفات المتتابعات في الجملة، وكزوائدِ التأكيد في الجملة التي لا يُرْفَعُ بِذكْرها تَوَهُّمُ المجاز أو الْغَلَطِ وسَبْقِ اللّسان، كأن تقول: "جاء القومُ أجمعون أكتعون أَبْصَعُون" فالمترادفاتُ الإِطنابية، المؤكّدات الإِطنابيّة زوائد لم تُضِفْ جديداً، ولم ترفَعْ توهُّماً.