ومن هذا المعنى اللُّغوي أُخِذَ لِتَقْوِيةِ صِدْقِ الكلام الخبريّ بما يؤكّده من ألفاظٍ اسْمُ "التوكيد".
والغرضُ من توكيد المتكلّم كلامَهُ، إعْلاَمُ المخاطَبِ بأَنّه يقول كلامه جازماً، قاصداً لما يَدُلُّ عليه كلامُهُ، مُتَثَبِّتاً مِنْه، لا يقولُه عن تَوَهُّمِ أَوْ ثَرْثَرَةٍ ِأوْ تَضْلِيلٍ أو اختراعٍ أو نحو ذلك، كما يفْعَلُ صَانِعُو القِصَصِ باستعمالِ قُدْرَاتهم التخيُّليّة في تأليف قصصهم المخترعة.
والتوكيد في الجمل إنَّما يكون للإِسناد "أي: الحكم" فيها، موجبةً كانت أو سالبة.
مؤكّداتُ الإِسناد الخبريّ:
لكلٍّ من الجملة الفعليّة والجملة الاسميّة موجبةً كانت أَوْ سالبةً مؤكّداتٌ تُؤكِّدُ إرادَةَ صِحّةِ وصِدْقِ الإِسناد فيها، أو تُؤكِدُّ تَحقُّقَ صِدْقِ الإِسْنادِ فيها موجباً كان أو سالباً.
والأصل في بناء الجملة في اللّسان العربيّ الجملةُ الفعليّة، خاليةً ممّا يدُلُّ على إرادة تأكيد النسبة فيها، مثل:
"اقتربت السّاعة - وانشقّ القمر - وأهلك اللهُ المكذبين الأوّلين - ولا تخفى عَلى اللهِ خافية - وما انتصر أولياءُ الشيطان عَلى أولياء الرحمن".
ويؤكَّد الإِسنادُ في الجملة الخبريَّة بمؤكدات، قد ينفرد بعضُها، وقد يجتمع مع غيره بشروط، ويختص بعضها بالجملة الفعلية، وبعضها يختصّ بالجملة الاسمية، وبعضُها يؤكَّدُ به الجملتان الفعلية والاسمية.
وفيما يلي بيانٌ لما تمَّ إحصاؤُه منها:
* المؤكّد الأول: تقديم ما هو فاعل في المعنى على فعله، مثل: {والله يَعْصِمُكَ مِنَ الناس} [المائدة: 67] {والله لاَ يَهْدِي القوم الفاسقين} [المائدة: 108] .