الصورة الثالثة: أَنْ يُنَزّلَ المنكِرُ منزلةَ غَيْرِ المنكر، فَلاَ يُعْتَدَّ بإنكاره ولا يُلْتَفَتَ إليه، وذلك إذا كان لديه من الأدلّة الواضحة والبراهين القاطعة، ما يكفي لإِقناعِ أهل الفكر المنصفين الذين يَنْشُدُون الحقّ.
* فمن الأمثلة على هَذِه الصورة، أن يأتي واحدٌ من صغار الملاكمينَ فيَتَطَاوَلَ على شخْصٍ لا يَعْرفُه بذاته، ولكن يعرف اسْم الْبَطل العالمي للملاكَمَة، فَيَتَحَدَّى هذا الملاكمُ الصَّغِيرُ هَذا الشخْص، فيقُولُ له: "أَنَا فُلان" دون أن يؤكّد كلامه بأيَّةِ مؤكّدات، عندئذٍ يَنْخَلِع قلْب الملاكم المتحدّي ويَنْهَزِم.
الصورة الرابعة: أنْ يُنَزَّلَ العالِمُ بفائدةِ الخبر وبلازم فائدتِهِ منزلة الجاهل بالخبر، وذَلِكَ لأَنَّهُ غَيْرُ عَامِلِ بمقْتَضَى عِلْمِهِ، فَيُقَدَّمُ له الْخَبَرُ كَما يُقَدَّمُ للجاهلين به.
* فمن الأمثلة على هذه الصورة المواعظُ الَّتِي تُقَدَّمُ على ألْسِنَةِ الوعاظ للعاملينَ بِهَا، تنزيلاً لهم منزلة الجاهلين بها، لأَنَّهم لا يعملون بمقتضى ما يَعْمَلون.
ويُسمَّى هذا تذكيراً، أوْ تَنْبِيهاً للمخاطَبِينَ من غفلاتهم.
***
(5) مؤكّداتُ الجملةِ الخبريةِ
التوكيد:
التوكيد في اللّغة: أصْلُهُ شدُّ السَّرْجِ على ظهر الدابَّةِ بالسُّيُور حتّى لا يسقط، وتسمّى هذه السُّيُور تواكيد وتآكيد.
ثم استعمل التوكيد في توثيق العهود.