نام کتاب : الرسائل السياسية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 496
بالعورة. وإنّما يريد أن يشبّه نفسه بالمحرج الذي إذا رأى أشدّ القتال لم يدع جهدا ولم يدّخر حيلة، ولينفى عن قلبه خواطر الفرار، ودواعي الرّجوع.
وقال: الخارجيّ عند الشّدّة إنّما يعتمد على الطّعان، والأتراك تطعن طعن الخوارج، وإن شدّ منهم ألف فارس فرموا رشقا واحدا صرعوا ألف فارس، فما بقاء جيش على هذا النّوع من الشّدّة! والخوارج والأعراب ليست لهم رماية مذكورة على ظهور الخيل، والتركيّ يرمي الوحش والطّير، والبرجاس، والناس، والمجثّمة، والمثل الموضوعة، ويرمى وقد ملأ فروج دابّته مدبرا ومقبلا، ويمنة ويسرة، وصعدا وسفلا، ويرمي بعشرة أسهم قبل أن يفوّق الخارجيّ سهما واحدا، ويركض دابّته منحدرا من جبل، أو مستفلا إلى بطن واد بأكثر مما يمكن الخارجيّ على بسيط الأرض.
وللتركيّ أربعة أعين: عينان في وجهه، وعينان في قفاه. وللخارجيّ عين في مستدبر الحرب، وللخراسانيّ عين في مستقبل الحرب. فعيب الخراسانيّة أنّ لها جولة عند أوّل الالتقاء، وإن ركبوا [كسأهم] كانت هزيمتهم، وكثيرا ما يثوبون، وذاك [بعد] الخطار بالعسكر، وإطماع العدوّ في الشّدّة.
والخوارج إذا ولّوا فقد ولّوا وليس لهم بعد الفرّ كرّ، إلّا ما لا يعدّ.
والتركيّ ليست له جولة الخراسانيّ، وإذا أدبر فهو السّمّ الناقع، والحتف القاضي؛ لأنه يصيب بسهمه وهو مدبر كما يصيب به وهو مقبل، ولا يؤمن وهقه، ولا انتساف الفرس، واختطاف الفارس بتلك الرّكضة.
ولم يفلت من الوهق في جميع الدّهر إلّا المهلّب بن أبي صفرة، والحريش هلال، وعبّاد بن الحصين. وربّما رمى بالوهق وله فيه تدبير آخر وإن لم يجنب المرميّ معه، يوهم الجاهل أنّ ذلك إنما كان لخرق التّركي، أو لحذق المرميّ.
نام کتاب : الرسائل السياسية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 496