نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان جلد : 1 صفحه : 190
ومن أدق القصائد تمثيلا لصورة الفخر الجديدة، هذه القصيدة للأصم بن الحجاج الباهلي، وهي تتوالى على هذا النمط1:
ألم يأن للأحياء أن يعرفوا لنا ... بلى نحن أولى الناس بالمجد والفخر
نقود تميما والموالي ومذحجا ... وأزد وعبد القيس والحي من بكر
نقتل من شئنا بعزة ملكنا ... ونجبر من شئنا على الخسف والقهر
سليمان كم من عسكر حوت لكم ... أسنتنا والمقربات بنا تجري2
وكمن من حصون قد أبحنا منيعة ... ومن بلد سهل ومن جبل وعر
ومن بلدة لم يغزها الناس قبلنا ... غزونا نقود الخيل شهرا إلى شهر
مرن على الغزو الجرور ووقرت ... على النفر حتى ما تهال من النفر3
وحتى لو ان النار شبت وأكرهت ... على النار خاضت في الوغى لهب الجمر
تلاعب أطراف الأسنة والقنا ... بلباتها والموت في لجج خضر4
بهن أبحنا أهل كل مدينة ... من الشكر حتى جاوزت مطلع الفجر
ولو لم تعجلنا المنايا لجاوزت ... بنا ردم ذي القرنين ذي الصخر والقطر
ولكن آجالا قضين ومدة ... تناهى إليها الطيبون بنو عمرو
فمع أن الشاعر كان ممزق النفس، مفرق العواطف، موزع الفكر، لما كان يحسه من الألم والحزن الشديد، بعد مقتل قتيبة بن مسلم الباهلي غيلة بفرغانة، فإنه لم يفتخر في قصديته إلا بسياسة قتيبة الحازمة وقيادته الصارمة، فإذا كل القبائل بخراسان تذعن له، لأنه كان يقوم المعوج منها، ويعاقب المذنب فيها، وإذا هو ينجز بها ولها الانتصار. وهو يذكر سليمان بن عبد الملك بما أحرز قتيبة من الفتوحات في أثناء ولايته، فلقد جعل غايته فيها غزو ما وراء النهر فأباد الجيوش الجرارة،
1 الطبري 9: 1303، وانظر معجم الشعراء ص: 241، ففيه شاهد آخر على هذا النوع الجديد من الفخر، لكثير ابن العزيرة النهشلي.
2 المقربات من الخيل: هي التي تدني وتكرم وتصان للغزو.
3 وقرت على النفر: وطنت عليه، وصلبت.
4 اللبات: جمع لبة. وهي وسط الصدر والمنخر. واللجج: جمع لجة: وهي معظم كل شيء.
نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان جلد : 1 صفحه : 190