responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان    جلد : 1  صفحه : 189
مضمون يعود إلى إحساس شعراء هذه القبائل بأنهم لا يعيشون وحدهم، ولا لقبائلهم، ولا للدفاع عن حماها وذمارها، بل لأنفسهم ولغيرهم، وللحفاظ على حقيقتهم، وحقيقة القبائل الأخرى، وإن اختلفت معهم وزاحمتهم. ثم إن القبائل العربية بخراسان، وإن ظلت منظمة تنظيما قبليا، وبقيت كل قبيلة منها متمسكة بكيانها، فإن وظيفة هذا التنظيم القبلي كانت في جوهرها وظيفة عسكرية فكل قبيلة كانت أشبه بلواء عسكري تصارع مع سواها من ألوية القبائل جيش الترك في حروب مستمرة طاحنة، كانت تلتهم كل متراجع ومحجم. وهي حروب لم يكن النسب أو الحسب يقدم فيها للإنسان شيئا، وإنما الذي كان يغني عنه حقا قتاله واستبساله وصموده في المآزق، وتفانيه مع أفراد قبيلته، وتعاونه مع سائر أفراد الألوية الأخرى.
ومن أجل ذلك صفت هذه الحروب الدائمة الضارية نفوس شعراء المضرية ونفوس جنودها من رواسب الفخر الجاهلية، وفتحت أمامهم آفاقا جديدة للفخر، هي آفاق الاعتداد بمصارعة الأعداء، والثبات في ميدان التضحية والفداء، وآفاق التمجد بما يحرزه الجندي وأفراد لوائه من نصر عزيز للجماعة. وحتى إن افتخر الشاعر الفارس من القيسية وسائر المضرية بشخصيته، لتنافسه مع غيره من كبار الشخصيات في المجد والسعي إلى السلطة، فإنه كان يفتخر بجهاده من أجل الأمة، وحرصه على تجنيبها الأخطار والدمار، وإن تمدح بقبيلته لتسابقها مع سواها من القبائل إلى الإمارة، فإنه كان يتمدح بدفاع فرسانها عن وجود العرب وما اضطلعوا به من أعمال ماجدة، وما حققوه من فتوحات خالدة نفعت جميع العرب، ورفعت من مكانتهم.
ومهما تضق دائرة الفخر، وتبد فيها بعض مظاهر الفردية والعصبية، فإنها لا تتحول عند شعراء المضرية كافة إلى صورة ثانية عن الفخر الجاهلي، وإنما تصبح من قبيل الرد المشروع على تبجح شاعر مغرور موتور من الأزد، استحكمت في نفسه الكراهية لهم، وتمكنت منها الأطماع، فانزلق إلى التنفخ القبلي، وجاوزه إلى الوعيد والتهديد.

نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان    جلد : 1  صفحه : 189
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست