نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان جلد : 1 صفحه : 188
القيس هم الذين شجر الخلاف بينهم، واختصموا، وبالغ بعضهم في هجاء بعض، وفي هجاء زعمائهم، لأن قبائل هذا الحلف، وإن اتحدت لاشتراكها في الهدف السياسي، وهو منافسة قيس وتميم، فإنها كانت متباغضة متحاسدة، وكانت كل قبيلة منها تحس ذاتها، وتقدم مصلحتها على مصلحة غيرها، وفي اصطدام كعب الأشقري بزياد الأعجم، وفي هجاء نهار بن توسعة البكري ليزيد بن المهلب، وهجاء ثابت قطنة لأسد القسري ما يفصح عن تنافرها وتناحرها.
أما شعراء قيس وتميم فلم يشتبكوا في معارك هجائية، ولم يهاجموا أمراءهم إلا نادرا، كما يتضح في سخط أبي الأنواح الهجيمي على نصر بن سيار، لأنه جفاه، ثم إنهم هم الذين انتقدوا الولاة المترددين الخائبين في الحروب، لاستنهاض هممهم وتحميسهم، حتى يفوزوا في الغزوات التالية، على نحو ما استظهرنا ذلك من هجاء مالك بن الريب التميمي لسعيد بن عثمان بن عفان، ومن هجاء عقاب اللقوة التميمي، وعبد الرحمن بن خالد القرشي لأمية بن عبد الله الأموي.
جـ- الفخر:
وأما الفخر فتطور به الشعراء بخراسان تطورا فرقه عما كان عليه في الجاهلية، فهم لم يتمجدوا فيه بأنسابهم وقبائلهم ومآثرهم، ولا بمنعتها وعزتها ولا بأخذها الثأر لأبنائها، ولا بنجدتها للمستصرخين، ولا بحمايتها للمستجيرين، ولا بإطعامها للمحتاجين، وإنما تمجدوا فيه بمواقف قبائلهم من الأحداث العظام التي كانت تؤثر في حاضر الأمة، وتقرر مصيرها، فقد تغنوا فيه بنضالها في سبيل العرب والمسلمين، وبإخلاصها للجماعة والخليفة، وإن سقطت إلى قصائدهم بعض عناصر الفخر الجاهلية، فإنها تكون قليلة ضيئلة، كما أن الشاعر الذي كان يبدأ بالمكاثرة بنسبه وماضي قومه، هو الذي كان يقود خصمه إلى مفاخرته بأصوله، وأحساب قبيلته.
ولا مفر من التنويه بأن شعراء القيسية والمضرية لهم أكثر القصائد الفخرية، وأنهم هم الذين أعطوا القصيدة الفخرية العربية بخراسان مضمونها الجديد، وهو
نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان جلد : 1 صفحه : 188