نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان جلد : 1 صفحه : 230
تختفي عند الشدة، وتقل عند الفزع، وأنها تتنكر للصديق، وتقعد عن منازلة العدو، غامز أرجالها بأنهم ليسوا من أولي الأصول العريقة المعروفة، ولا من ذوي العزائم الكبيرة، ولذلك فإنه لم يعد يرى جدوى في محالفة الأزد لهم. يقول1:
عصافير تنزو في الفساد وفي الوغى ... إذا راعها روع جماميح بروق2
أأحلم عن ذبان بكر بن وائل ... ويعلق من نفسي الأذى كل معلق
ألم أك قد قلدتكم طوق خزية ... وأنكلت عنكم فيكم كل ملصق3
لعمرك ما استخلفت بكرا ليشغبوا ... علي وما في حلفكم من معلق4
ضممتكم ضما إلي وأنتم ... شتات كفقع القاعة المتفرق5
فأنتم على الأدنى أسود خفية ... وأنتم على الأعداء خزان سملق6
فالبكريون في نظره عيال على الأزد، لا يغنون في الأزمات، ومع ذلك فإنهم ينافرونهم وينازعونهم. وهو يردد هذا المعنى في بيتين آخرين، إذ يأخذ على البكريين قلة وفائهم بالعهود، وتقصيرهم فيما يوجبه الحلف المعقود بينهم وبين الأزد من التزامات. بل إنه يصرح بأنهم إنما يفزعون إلى الأزد في المآزق. فإذا ما فرجوها عنهم، واستأنفوا حياتهم مطمئنين، عادوا إلى سيرتهم الأولى مع الأزد، وابتعدوا منهم. يقول7:
بكر أخونا إذا نابته نائبة ... وليس منا إذا ما خوفه أمنا
إني لأرمي بنبلي من ورائهم ... ولا أرى الأمر شجانا لهم شجنا
1 الأغاني 14: 280.
2 تنزو: تثب. والجماميح: جمع جماح، وهو ما نبت على رؤوس القصب مجتمعا، فإذا دق تطاير، وبروق: نبت ضعيف.
3 أنكل: دفع، أي دفعت عنكم كل ملصق فيكم.
4 من معلق: أي من شيء يتعلق به ويعتمد عليه.
5 الفقع: الكمأة البيضاء الرخوة. والقاعة: الأرض المطمئنة السهلة الرخوة.
6 خفية: أجمة في سواد الكوفة تنسب إليها الأسود. والسملق: الأرض المستوية الجرداء. وخزان: جمع خزن، وهي ذكر الأرنب، وهي معروفة بالجبن.
7 حماسة البحتري ص: 80.
نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان جلد : 1 صفحه : 230