نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان جلد : 1 صفحه : 68
وكانت القبيلة الواحدة منها تتصدع وتتوزع شعبا يعادي بعضها بعضا. أما الحلف الذي كان مؤلفا من الأزد وبكر وعبد القيس فلم ينقل المؤرخون أنها اختلفت هذا الاختلاف، ولا أنها اصطدمت هذا الاصطدام. وأكبر الظن أنهم أغفلوا بعض منافراتها وحروبها. وآية ذلك أن أبا الفرج الأصفهاني ذكر أن الأزد وعبد القيس تنابذوا في ولاية المهلب، واقتتلوا قتالا عنيفا، وأن شعراءهم تهاجوا هجاء فاحشا، حتى توسط المهلب بينهم، فتوقف فرسانهم عن الحرب، وكف شعراؤهم عن التهاجي[1]. ولكن المحقق أن تلك القبائل كان بعضها يحسد بعضا ويسيء إليه. وأن كل قبيلة منها كانت تود أن تكون مستقلة بشئونها الداخلية، محفوظة الحقوق، مرعية الجانب من حلفائها. والأدلة على تباغضها وتصارعها كثيرة، ومنها أن يزيد بن المهلب ولى رجلا من اليحمد الزم بشط جيحون، فلقيه كعب الأشقري الأزدي، فقال له: أنت شيخ الأزد يوليك الزم، ويلي ربيعة الأعمال السنية، وهجاه[2]. ومنها أن نهار بن توسعة البكري ندد بيزيد بن المهلب حين رآه يصد عن قبيلته ويهملها ويقرعها[3]. ومنها أن أبا البريد البكري انتقد الأزد وأسدا القسري اليمني عندما أبصرهم يتنكرون لبكر، ويحتازون المراكز والمنافع من دونها[4].
وكأنما كانت خراسان بركانا يغلي بالقبائل العربية، فيثور ثم يهدأ، ولا يلبث أن يثور وهكذا. وكان التناحر على النفوذ، والتنافس في الرئاسة، والتزاحم على المنفعة حمم ذلك البركان التي كانت تزيد وتلتهب في بعض الأحيان، فيضيق بها فتتفجر تارة منازعات دامية، وتارة اضطهادات سياسية. ولكن الظاهرة اللافتة للنظر بقوة، هي أن الأزد وبكرا كانوا ضائقين بوضعهم في خراسان أكثر من القبائل الأخرى، لأن الولاة لم يكونوا منهم في الأغلب، بل من قيس. وكان الأزد خاصة قلقين متبرمين، لأنهم كانوا يكونوا منهم في الأغلب، بل من قيس. وكان الأزد خاصة قلقين متبرمين، لأنهم كانوا يشعرون بأنهم غبنوا دورهم وحقهم السياسي، فأثر ذلك في نفوسهم تأثيرا سيئا. وكان البكريون يحسدون المضريين، لأن الخلافة كانت فيهم، فعكر هذا الحسد أمزجتهم، [1] الأغاني "طبعة دار الكتب" 14: 287. [2] الأغاني 14: 294. [3] نقائض جرير والفرزدق 1: 368، والطبري 9: 1313، وابن الأثير 5: 25. [4] الطبري 9: 1497.
نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان جلد : 1 صفحه : 68