فقال الأعرابىّ صرع والله الرجل! ألّا قلت كما قال عمّك الراعى:
وواضعة خدّها للزّما ... م، فالخدّ منها له أصعر [1]
ولا تعجل المرء قبل البرو ... ك، وهى بركبتها أبصر
وهى إذا قام فى غرزها ... كمثل السّفينة أو أوقر
940* وأخذ عليه قوله يصف الكلاب:
حتّى إذا دوّمت فى الأرض راجعه ... كبر، ولو شاء نجّى نفسه الهرب
قالوا: والتّدويم إنما هو فى الجوّ، يقال: دوّم الطائر فى السماء: إذا حلّق واستدار (فى طيرانه [2] ) ، ودوّى فى الأرض: أى: ذهب.
941* وقالوا: ذو الرمّة أحسن الناس تشبيها، وإنما وضعه عندهم أنّه (كان) لا يجيد المدح ولا الهجاء. ولمّا أنشد بلال بن أبى بردة (قوله) :
رأيت الناس ينتجعون غيثا ... فقلت لصيدح انتجعى بلالا [3]
قال بلال: يا غلام أعطه حبل قتّ لصيدح.
942* قالوا: وغلّط فى قوله فى النساء:
[1] الصعر: الميل فى الخد خاصة، وكلاهما بفتحتين. [2] هذا المأخذ نسب فى اللسان 15: 105 إلى الأصمعى. وذهب غيره إلى صواب ما قال ذو الرمة، ففيه: «قال الأخفش وابن الأعرابى: دومت: أبعدت، وأصله من دام يدوم، والضمير فى دوم على الكلاب. وقال على بن حمزة: لو كان التدويم لا يكون إلا فى السماء لم يجز أن يقال: به دوام، كما يقال: به دوار، وما قالوا: دومة الجندل، وهى مجتمعة مستديرة» .
[3] صيدح: اسم ناقة ذى الرمة. والرواية المشهورة «سمعت الناس» برفع «الناس» وهى رواية اللسان 3: 340. وفى شرح القاموس 2: 178: «وفى الصحاح: رأيت الناس، بدل سمعت، والناس: مرفوع. قال أبو سهل: هكذا بخط الجوهرى وصحح عليه، والمحفوظ: سمعت الناس، ووجدت فى الهامش لابن القطاع: يروى هذا البيت برفع الناس ونصبه بعد سمعت، فالنصب ظاهر، وأما الرفع فعلى الحكاية، لأن سمعت فعل غير مؤثر، فجاز أن يعلق وتقع بعده الجملة، وتقدير المعنى: سمعت من يقول الناس ينتجعون غيثا، وأما مع رأيت فلا يصح ذلك» .