responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العبرات نویسنده : المنفلوطي، مصطفى لطفي    جلد : 1  صفحه : 81
زَوْجهَا إِلَّا فِي اَللَّيْلَة اَلَّتِي تَغْفُل فِيهَا عَنْهُ عُيُون اَلشُّرْطَة وَقَلَّمَا تَغْفُل عَنْهُ فَأَصْبَحَتْ وَحِيدَة فِي غُرْفَتهَا لَا مُؤْنِس لَهَا وَلَا مُعَيَّن إِلَّا جَارَة عَجُوز تَخْتَلِف إِلَيْهَا مِنْ حِين الى حِين فَإِذَا فَارَقَتْهَا جَارَتْهَا وَخَلَتْ بِنَفْسِهَا ذَكَرَتْ تِلْكَ اَلْأَيَّام اَلسَّعِيدَة اَلَّتِي كَانَتْ تَتَقَلَّب فِيهَا فِي أعطاف اَلْعَيْش اَلنَّاعِم وَالنِّعْمَة اَلسَّابِغَة بَيْن زَوْج كَرِيم وَأَوْلَاد كَالْكَوَاكِبِ اَلزَّهْر حُسْنًا وَبَهَاء ثُمَّ تَذْكُر كَيْفَ أَصْبَحَ اَلسَّيِّد مُسْوَدًّا وَالْمَخْدُوم خَادِمًا وَالْعَزِيز اَلْكَرِيم ذَلِيلًا مُهِينًا وَكَيْفَ اِنْتَثَرَ ذَلِكَ اَلْعَقْد بِالْإِغْوَاءِ اَلْمَنْظُوم اَلَّذِي كَانَ حلية بَدِيعَة فِي جِيد اَلدَّهْر ثُمَّ اِسْتَحَالَ بَعْد انتثاره إِلَى حصيات مَنْبُوذَات عَلَى سَطْح اَلْغَبْرَاء تَطَؤُهَا اَلنِّعَال وَتَدُوسهَا اَلْحَوَافِر وَالْأَقْدَام فَتَبْكِي بُكَاء الواله فِي إِثْر قَوْم ظاعنين حَتَّى تُتْلِف نَفْسهَا أَوْ تَكَاد عَلَى أَنَّهَا مَا أَضْمَرَتْ قَطُّ فِي قَلْبهَا حِقْدًا لِذَلِكَ اَلْإِنْسَان اَلَّذِي كَانَ سَبَبًا فِي شَقَائِهَا وَشَقَاء وَلَدَيْهَا لَا حَدَّثْتهَا نَفْسهَا يَوْمًا مِنْ اَلْأَيَّام بمغاضبته أَوْ هِجْرَانه لِأَنَّهَا اِمْرَأَة شَرِيفَة وَالْمَرْأَة اَلشَّرِيفَة لَا تَغْدِر بِزَوْجِهَا اَلْمَنْكُوب بَلْ كَانَتْ تَنْظُر إِلَيْهِ نَظْرَة اَلْأُمّ اَلْحَنُون إِلَى طِفْلهَا اَلصَّغِير فَتَرْحَمهُ وَتَعْطِف عَلَيْهِ وَتَسْهَر بِجَانِبِهِ إِنْ كَانَ مَرِيضًا وتأسو جِرَاحه إِنَّ عَاد جَرِيحًا وَرُبَّمَا طَرَدَهُ اَلْحِمَار فِي بَعْض لَيَالِيه مِنْ حَانَة حِينَمَا لَا يَجِد مَعَهُ ثَمَن اَلشَّرَاب فَيَعُود إِلَيَّ بَيْته ثَائِرًا مهتاجا يَطْلُب اَلشَّرَاب طَلَبًا شَدِيدًا فَلَا تَجِد بُدًّا مِنْ أَنْ تُعْطِيه نَفَقَة طَعَامهَا أَوْ تَبْتَاع لَهُ مِنْ اَلْخَمْر مَا يَسْكُن بِهِ نَفْسه رَحْمَة بِهِ وابقاء عَلَى تِلْكَ اَلْبَقِيَّة اَلْبَاقِيَة مِنْ عَقْله.
وَكَأَنَّ اَلدَّهْر لَمْ يَكُفّهُ مَا وَضَعَ عَلَى عَاتِقهَا مِنْ اَلْأَثْقَال حَتَّى أَضَافَ إِلَيْهَا ثِقْلًا جَدِيدًا فَقَدْ شَعَرَتْ فِي يَوْم مِنْ أَيَّامهَا بِنَسَمَة نَتَحَرَّك فِي أَحْشَائِهَا فَعَلِمَتْ أَنَّهَا حَاوَلَ وَأَنَّهَا سَتَأْتِي إِلَى دَار اَلشَّقَاء بِشَقَاء جَدِيد فَهَتَفَتْ صَارِخَة رَحْمَتك اَللَّهُمَّ فَقْد اِمْتَلَأَتْ اَلْكَأْس حَتَّى مَا تَسَع قَطْرَة وَاحِدَة وَمَا زَالَتْ تُكَابِد مِنْ آلَام اَلْحَمْل

نام کتاب : العبرات نویسنده : المنفلوطي، مصطفى لطفي    جلد : 1  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست