responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العبرات نویسنده : المنفلوطي، مصطفى لطفي    جلد : 1  صفحه : 82
مَا يَجِب أَنْ تُكَابِدهُ اِمْرَأَة مَرِيضَة مَنْكُوبَة حَتَّى جَاءَتْ سَاعَة وَضْعهَا فَلَمْ يَحْضُرهَا أَحَد الا جَارَتهَا اَلْعَجُوز فَأَعَانَهَا اَللَّه عَلَى أَمْرهَا فَوَضَعَتْ ثُمَّ مَرِضَتْ بَعْد ذَلِكَ بِحُمَّى اَلنِّفَاس مَرَضًا شَدِيدًا فَلَمْ تُجْدِ طَبِيبًا يَتَصَدَّق عَلَيْهَا بِعِلَاجِهَا لِأَنَّ اَلْبَلَد اَلَّذِي لَا يَسْتَحِي أَطِبَّاؤُهُ أَنْ يُطَالِبُوا أَهْل اَلْمَرِيض بَعْد مَوْته بِأُجْرَة عِلَاجهمْ اَلَّذِي قَتَلَهُ لَا يُمْكِن أَنْ يُوجَد فِيهَا طَبِيب مُحْسِن أَوْ مُتَصَدِّق فَمَا زَالَ اَلْمَوْت يَدْنُو مِنْهَا رُوَيْدًا رُوَيْدًا حَتَّى ادركتها رَحْمَة اَللَّه فَوَافَاهَا أَجْلهَا فِي سَاعَة لَا يُوجَد فِيهَا بِجَانِبِهَا غَيْر طِفْلَتهَا اَلصَّغِيرَة عَالِقَة بِثَدْيهَا.
فِي هَذِهِ اَلسَّاعَة دَخْل اَلرَّجُل ثَائِرًا مهتاجا يَطْلُب اَلشَّرَاب وَيُفَتِّش عَنْ زَوْجَته لِتَأْتِيَ لَهُ مِنْهُ بِمَا يُرِيد فَدَار بِعَيْنِهِ فِي أَنْحَاء اَلْغُرْفَة حَتَّى رَآهَا مُمَدَّدَة عَلَى حَصِيرهَا وزاى اِبْنَتهَا تَبْكِي بِجَانِيهَا فَظَنَّهَا نَائِمَة فَدَنَا مِنْهَا وَدَفْع اَلطِّفْلَة بَعِيدًا عَنْهَا وَأَخْذ يُحَرِّكهَا تَحْرِيكًا شَدِيدًا فَلَمْ يُشْعِر بِحَرَكَة فَرَابَهُ اَلْأَمْر وَأَحَسَّ بِالْإِغْوَاءِ تَتَمَشَّى فِي أَعْضَائِهِ حَتَّى أَصَابَتْ قَلْبه فَبَدَأَ صَوَابه يَعُود إِلَيْهِ شَيْئًا فَشَيْئًا فأكب عَلَيْهَا يُحَدِّث فِي وَجْههَا تَحْدِيقًا شَدِيدًا وَيَزْحَف نَحْوهَا رُوَيْدًا رُوَيْدًا حَتَّى رَأَى شَبَح اَلْمَوْت يُحَدِّق إِلَيْهِ مَنْ عَيْنهَا اَلشَّاخِصَتَيْنِ اَلْجَامِدَتَيْنِ فَتَرَاجَعَ خَوْفًا وَذُعْرًا فَوَطِئَ فِي تَرَاجُعه صَدْر اِبْنَته فَأَنْتَ أَنَّة مُؤْلِمَة لَمْ تَتَحَرَّك بَعْدهَا حَرَكَة وَاحِدَة فَصَرَخَ صَرْخَة شَدِيدَة وَقَالَ اشقاءاه وَخَرَجَ هَائِمًا عَلَى وَجْهه يَعْدُو فِي اَلطُّرُق وَيَضْرِب رَأْسه بِالْعُمَدِ وَالْجُدْرَان وَيَدْفَع كُلّ مَا يَجِد فِي طَرِيقه مِنْ إِنْسَان أَوْ حَيَوَان وَيَصِيح اِبْنَتَيْ زَوْجَتِي هَلُمُّوا إِلَيَّ ادركوني حتي أَعْيَا فَسَقَطَ عَلَى اَلْأَرْض وَأَخَذَ يَفْحَص اَلتُّرَاب بِرِجْلَيْهِ وَيَئِنّ أَنِين اَلذَّبِيح وَالنَّاس مِنْ حَوْله آسِفُونَ عَلَيْهِ لأ لِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَهُ بَلْ لِأَنَّهُمْ قَرَءُوا فِي وَجْهه آيَات شَقَائِهِ.

نام کتاب : العبرات نویسنده : المنفلوطي، مصطفى لطفي    جلد : 1  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست