نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 132
القائم من بعده، حتى لا تخلو أرضها من رواسي الجبال، ولا سماؤها من مطالع الكواكب التي تجلو ظلمة الليال، وقد مضى والد العبد إلى رحمة الله وهو متزود من الطاعة خير زاد، غير خائف من إحصاء الرقيب العتيد إذ جعلها له من العتاد، وما عليه وقد ثقلت كفّة ميزانه ما كان في الكفة الأخرى من السجلات الكثيرة الأعداد، ومضمون وصيته التي عهدتها أن نمشي في الطاعة على أثره، ونهتدي بالأوامر الشريفة في مورد الأمر ومصدره، وقد جعلها العبد نجيّ فكره إذا قام وإذا قعد، وسبحة صلاته إذا ركع وإذا سجد، وهو يرى أنه لم يمض والده حتى أبقى للدولة من يثبت قدمه موضع قدمه، وعند ذلك يقال: إن غصن الشجرة كالشجرة في ثبات أصله وقوة معجمه، وهذا مقام لا تمتاز فيه الآباء عن الأبناء، وليست المزية لاكتهال السن إنما هي لشبيبة الغناء، وقد أوتي يحيى الحكم قبل أن يجري القلم في كتابه، وشهد له بالتزكية قبل أن ينتصب في محرابه، وكذلك قد أمّر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أسامة على فتاء عمره، وشهد أنه خليق بما أسند إليه من أمره، والعبد وإن بسط الاستحقاق لسانه فإن الأدب يحكم بانقباضه، ويريه أن التفويض إلى إنعام الديوان العزيز أسرع في نجح أغراضه، ولا شك أن منتهى الآمال لا يبلغ أدنى تلك المواهب، ولو جمعت في صعيد واحد ثم سألت مطالبها لما نقصت خزائن العطايا من تلك المطالب.
وهذا الفصل من أول الكتاب، وفيه معنى آيتين من سورة مريم عليها السلام:
أما الأول: فقوله تعالى عند ذكر يحيى عليه السلام: وآتيناه الحكم صبيا
وأما الثانية: فقوله تعالى: وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا
وفي هذا الفصل أيضا معاني ثلاثة من الأخبار النبوية، وليس هذا موضعها، وإنما جاءت ضمنا وتبعا.
ومن ذلك ما ذكرته في وصف الغبار في الحرب، وهو: وعقد العجاج شفقا فانعقد، وأرانا كيف رفع السماء بغير عمد، غير أنها سماء بنيت بسنابك الجياد، وزيّنت بنجوم الصّعاد، ففيها مما يوعد من المنايا لا ما يوعد من الأرزاق، ومنها تقذف شياطين الحرب لا شياطين الاستراق.
وهذه المعاني مأخوذة من سورة الرعد، وسورة الصافات، وسورة الذاريات.
نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 132