نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 139
الرّسن أحقّ برسنه، وكنت سمعت بكاتب من الكتاب كلمه إلى غثاثة، وقلمه بغاثة لا يستنسر «1» وأيّ بطش لبغاثة، وإذا وجب الوضوء على غيره بالخارج من السبيلين وجب عليه من سبل ثلاثة، هذا وهو يدّعي أنه في الفصاحة أمّة وحده «2» ، ومن قسّ إياد وسحبان وائل عنده؟ وإذا كشف عن خاطره وجد بليدا لا يخرج عن العمه والكمه، وإن رام أن يستنتجه في حين من الأحيان قضى عليه بغرة عبد أو أمه، وكثيرا ما يتقدم ونقيصته هذه على الأفاضل من العلماء، وقد صار الناس إلى زمان يعلو فيه حضيض الأرض على هام السماء.
فلما أوردته عليه ظهرت أمارة الحسد على صفحات وجهه وفلتات لسانه، مع إعجابه به، واستغرابه إياه، ثم قال: وقد ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم هذا الحديث، وهو:
«لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا تمثال» فهذا أين يستعمل من المكاتبات؟.
فتروّيت في قوله تروّيا يسيرا، ثم قلت: هذا يستعمل في كتاب إلى ديوان الخلافة، وأمليت عليه الكتاب، فجاء هذا الحديث في فصل منه، وهو: إذا أفاض الخادم في وصف ولائه نكصت همم الأولياء عن مقامه، وعلموا أنه أخذ الأمر بزمامه، فقد أصبح وليس بقلبه سوء الولاء والإيمان؛ فهذا يظهر أثره في طاعة السر وهذا في طاعة الإعلان، وما عداهما فإن دخوله إلى قلبه من الأشياء المحظورة، والملائكة لا تدخل بيتا فيه تمثال ولا صورة، فليعول الديوان العزيز على سيف من سيوف الله يفري بلا ضارب ويسري بلا حامل، ولا يسلّ إلا بيد حق ولا يغمد إلا في ظهر باطل، وليعلم أنه كرشه وعيبته في تضمن الأسرار، وأنه أحد سعديه إذا عدت مواقف الأنصار.
نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 139