نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 321
وهذا معنى مبتدع أشهد أنه يفعل بالعقول فعل الخمر سكرا، ويروق كما رقت لطفا، ويفوح كما فاحت نشرا.
وكذلك ورد قول ابن حمديس الصقلي:
يا سالبا قمر السّماء جماله ... ألبستني للحزن ثوب سمائه
أضرمت قلبي فارتمى بشرارة ... وقعت بخدّك فانطفت من مائه
وهذا المعنى دقيق جدا.
وقد سمعت في الخال ما شاء الله أن أسمع، فلم أجد مثل هذا.
وقد جاءني في الكلام المنثور من هذا الضرب شيء، وسأذكر ههنا منه نبذة.
فمن ذلك ما ذكرته في وصف صورة مليحة، فقلت: ألبس من الحسن أنضر لباس، وخلق من طينة غير طينة الناس، وكما زاد حسنا فكذلك ازداد طيبا، واتفقت فيه الأهواء حتى صار إلى كل قلب حبيبا، فلو صافح الورد لتعطرت أوراقه، أو مر على النّيلوفر ليلا لتفتحت أحداقه.
والمعنى الغريب ههنا أن الشمس إذا طلعت على النيلوفر تفتّح أوراقه، وإذا غربت عنه انضم، ثم إني سمعت هذا في شعر الفرس لبعض شعرائهم، فحصل عندي منه تعجب.
ومن ذلك ما ذكرته في ذم الشيب، فقلت: الشيب إعدام للإيسار، وظلام للأنوار؛ وهو الموت الأول الذي يصلى نارا من الهم أشد وقودا من النار، ولئن قال قوم إنه جلالة فإنهم دقّوا به وما جلّوا، وأفتوا في وصفه بغير علم فضلّوا وأضلّوا، وما أراه إلا محراثا للعمر ولم تدخل آلة الحرث دار قوم إلا ذلّوا، ومن عجيب شأنه أنه المملول الذي يشفق من بعده، والخلق الذي يكره نزع برده، ولما فقد الشباب كان عنه عوضا ولا عوض عنه في فقده.
والمعنى المخترع ههنا في قولي: «وما أراه إلا محراثا للعمر ولم تدخل آلة الحرث دار قوم إلا ذلوا» وهو مستنبط من الحديث النبوي، وذاك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم رأى
نام کتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت محيي الدين عبد الحميد نویسنده : ابن الأثير، ضياء الدين جلد : 1 صفحه : 321