نام کتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي نویسنده : عبد اللطيف محمود حمزة جلد : 1 صفحه : 26
قصيدته حسابًا كبيرًا لهذه الجماهير، وهكذا أصبحت القصيدة الشعرية صورةً من المقالة الصحفية في هدفها، والعجيب أيضًا أن القراء كانوا يتلهفون تلهفًا عظيمًا على قصيدةٍ لشوقي, أو لحافظ, أو لغيرهما من شعراء الوطنية, كما يتلهفون على مقال مصطفى كامل, أو على يوسف, أو سعد زغلول، أو أمين الرافعي، أو عبد القادر حمزة, أو عباس العقاد، وكانت القصيدة الشعرية تحتل مكان الصدارة من الصحيفة، فهي لا تنشر غالبًا إلّا في الصفحة الأولى، وفي مكانٍ بارزٍ من هذه الصفحة.
فأين هذا كله اليوم؟ ولم اختفت القصيدة من الشعر اختفاءً تامًّا من الصحف؟ ولِمَ قلت عناية الناس بقراءة القصيدة السياسية والقصيدة الاجتماعية, وأين من شعراء الشباب العربيّ من كان يجب أن يخلفوا الشعراء القدامى.
هل هي الصحافة التي أصبحت كما يقولون صحافة خبر، بعد أن كانت إلى عهد قريب صحافة رأيٍ ومقالٍ؟ وما دام المقال نفسه قد اختفى, أو كاد يختفي من الصحف, فأولى بذلك القصيدة التي قلنا إنها صورة من المقالة في هدفها.
هل المسئول عن هذه الحالة نوع من التطور الأدبيّ تخضع له النهضة في أيامنا هذه، وهو تطور من مظاهره أن أصبحت الأغنية, أو النشيد, يقومان مقام القصيدة, ويسدان مسدها "!
من هذين المقالين يتضح لنا أن فكرة "الصناعة الثالثة" في النقد الأدبيّ، تمثل محورًا رئيسيًّا في دراسات "التحرير الصحفيّ" عند أستاذنا د. حمزة -رحمه الله، يريد من ورائها وَصْلَ اللاحق بالسابق، كما صنع نقاد أواخر القرن الثاني والقرون التالية؛ حين أثاروا في "صناعة الشعر" أفكارًا نقديةً بموهبة الشاعر، والإجراء الثنائي الذي يبذله، والملاءمة النوعية، وتثقيفه بقوانين فن الشعر، وضرورة مراعاة الزمن المناسب لإنشاء القصيدة، والعمل في ظل الدوافع النوعية!.
وفي دراساته الأدبية والنقدية، عُنِيَ بالجاحظ عناية دفعت به إلى أن يراه صحفيُّ عصره، ويشير إلى رسالة "بشر بن المعتمر" التي ضمنها "البيان والتبيين"، وما تشير إليه من إعدادٍ للنصِّ الأدبيِّ نثرًا وشعرًا، وهي الفكرة التي شغلت ابن المدبر 270هـ؛ حين عُنِيَ باستقراء مقومات النص الأدبيّ في "الرسالة العذراء" وقد
نام کتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي نویسنده : عبد اللطيف محمود حمزة جلد : 1 صفحه : 26