نام کتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي نویسنده : عبد اللطيف محمود حمزة جلد : 1 صفحه : 25
ولو كان الشعر أو الفن تقليدًا لتشابهت هذه الصور في الفنون كلها، وكانت في ذلك مطابقة للواقع، ولكن هذا محال لاختلاف المواد الأولية لكل فنٍّ.
فالشعر لا يصور من الطبيعة إلّا ما يختص بمادته الأولية "وهو عالم الحركة" ولا يقوى الشعر على تصوير العظمة وتخليد الأبطال كما يقوى الصخر على ذلك، ولا ينقل الألوان ويؤثر بها كما يفعل الرسم, ولا يصور اللامحدود والعواطف المبهمة كالموسيقي, بل إن للشعر عالمًا خاصًّا, وميدانًا معينًا لا يتعداه, ولا يصح أن ننظر إلى الشعر في ميدانه هذا على إنه ضربٌ من ضروب التقليد, كما ذهب إلى ذلك أفلاطون، بل هو تعبيرٌ ملائمٌ لطبيعته التي يخالف بها طبائع الفنون الأخرى.
وفي الفترة نفسها نُشِرَ في "الأهرام" مقالًا بعنوان: "وداعًا دولة الشعر" قال منه:
"بمناسبة البدء في بناء السد العالي، وبمناسبة تأميم قناة السويس قبل ذلك، وما جرى بين هاتين المناسبتين من أحداثٍ جسامٍ, تعرَّضَتْ في أثنائها القومية العربية لمحنة كبيرة, انتقل ذهني سريعًا إلى الحركة الوطنية منذ بدايتها على يد الزعيم الشاب مصطفى كامل, إلى المرحلة التي كان يقود فيها الحركة زعيمٌ آخر جليلٌ, هو المرحوم سعد زغلول، وبالموازنة السريعة بين الحركة الوطنية على يد هذين الزعيمين الكبيرين، والحركة القومية على يد الرئيس جمال عبد الناصر، ووقفت حائرًا في تفسير هذه الظاهرة, لماذا اقترنت الحركة الوطنية في جميع مراحلها بنهضة الشعر المصريّ والعربيّ، ولم تقترن الحركة القومية بنهضةٍ تماثل أو تزيد على الأول زيادةً تتفق وجلال الحركة الأخيرة؟
لقد اقترنت الحركة الأولى، وهي الحركة الوطنية، بظهور طائفةٍ من الشعراء الكبار, أمثال: شوقي وحافظ، وخليل مطران، وإسماعيل صبري، وعلى القاياتي, وأحمد محرم.. أبلى كل واحد منهم بلاء حسنًا في ميدان الحركة الوطنية، وكان لكلٍّ منهم أثرٌ بعيد المدى في نفوس الجماهير.
والعجيب في الموضوع أن الصحافة كانت صاحبة الفضل الأكبر في تلك النهضة الشعرية التي صحبت الحركة الوطنية، فقد كان على الشاعر أن ينشر قصيدته في صحيفةٍ سيارةٍ ليضمن أن تصل إلى الجماهير، كما كان على الشاعر أن يحسب في
نام کتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي نویسنده : عبد اللطيف محمود حمزة جلد : 1 صفحه : 25