نام کتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي نویسنده : عبد اللطيف محمود حمزة جلد : 1 صفحه : 28
بالإمور العامة, والاهتمام بها, والتفكير المتصل فيها, ويذهب إلى أن هذه الخصومات التي استحدثت فن المقال النزالي قد أحيت في النشر العربيّ فن الهجاء الذي أتقنه الجاحظ, وقصر فيه بعده من الكتاب, فقد أصبح هذا الهجاء السياسيّ من أهم الألوان في أدبنا العربيّ الحديث؛ فيه الحدة والعنف, وفيه المتعة واللذة, وفيه التنوع والاختلاف بتنوع الأمزجة واختلافها، وفيه الإيجاز والإطناب، وفيه التصريح والإشارة.
ويذهب الدكتور طه حسين أيضًا إلى أن الخصومة السياسية قد دفعت صحف الأحزاب المختصمة إلى التنافس, فافتَنَّت فيما جعلت تنشر من الفصول أو المقالات؛ فاستعرض الكُتَّابُ الادب القديم يحيونه بالنقد والتحليل, كما استعرضوا الآداب الأوروبية الحديثة يذيعونها ناقدين ومحللين ومترجمين, وإذا هم بعد هذا كله يرقون إلى إنشاء الدراسات التي تطول, حتى تصبح كتبًا تستقل بنفسها, وتقصر حتى تصبح فصولًا تنشر في الصحف والمجلات، ثم يجمع بعضها إلى بعضٍ فإذا هي أسفارٌ قيِّمَةٌ يجد فيها القاريء نفعًا ولذةً ومتاعًا.
وما دامت اللغة هي الرابطة الكبرى بين الصحافة والثقافة بالمفهوم الاجتماعيّ، فينبغي أن ننظر إليها نظرًا علميًّا صحيحًا، فاللغة ليست القواعد التي نحصلها ونسميها بالنحو المتواضع عليه، وهي لا يمكن أن تكون وسيلة إفادةٍ فحسب، بل لا يمكن أن تخضع لقواعد المنطق الصوريّ, أو المنطق الإستطاليسيّ الذي قسم الكلام إلى مخارج محدودة, جعلها أسماءً وأفعالًا وأدوات, اللغة ليست هذا كله، ذلك لأنها بمفهومها الاجتماعيّ سلوكٌ فرديٌّ وجماعيٌّ, وهي بهذا المفهوم ترتبط بالصحافة من حيث هي مرآة تنعكس عليها مشاعر الجماعة وآراؤها وخواطرها، ومن هنا, جاء تعريف أوتوجروت للصحافة بأنها تجسيد لروح الأمة.
وتأسيسًا على هذا الفهم، فإن البلاغة الجديدة في الحضارة الصحفية تبعد به عن البلاغة الجمالية للمقال في حضارة التدوين؛ إذ تجعل من هذا الأخير فنًّا جماليًّا، في حين تنظر البلاغة الجديدة للتحرير الصحفيِّ على أنه فنٌّ تطبيقيٌّ، وكلاهما فنٌّ لا شك فيه, إلَّا أن البلاغة الجمالية تستعمل خامات اللون واللفظ للوصول إلى الجمال، أما البلاغة الجديدة في فنِّ التحرير الصحفيِّ فإنها تدخل في اعتبارها أمورًا عمليةً فنيةً اجتماعيةً. والتحرير الصحفيّ يجب أن يراعي مستوى القرَّاء وثقافتهم، وسياسة
نام کتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي نویسنده : عبد اللطيف محمود حمزة جلد : 1 صفحه : 28