نام کتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي نویسنده : عبد اللطيف محمود حمزة جلد : 1 صفحه : 29
الصحيفة، وقوانين المطبوعات والرقابة, والتعبير المبسط عن الأفكار المعقدة لتلائم السواد الأعظم من الجماهير المتصل بها, ولذلك يهتم التحرير الصحفيّ بتفاصيل ما يجري من الأحداث اليومية في المجتمع، وبتسجيل الإحصاءات والأرقام التي جمعت, والكلمات التي قيلت، والأحداث التي وقعت، كأنه يثبت جسم الحقيقة، في حين ينفذ المقال الأدبيُّ إلى روح تلك الإحصاءات والأرقام التي جمعت, والكلمات التي قيلت، والأحداث التي وقعت، كأنه يثبت جسم الحقيقة، في حين ينفذ المقال الأدبي إلى روح تلك الإحصاءات والأرقام والكلمات والأحداث من خلال اهتمامه بالقيم؛ فالفرق إذن بين الأديب والصحفيّ في فنِّ المقال هو في نزوع أحدهما إلى أعماق النفس البشرية، ونزوع الثاني منزع الناقد الاجتماعيّ الذي يُعْنَى بالواقع والتفاصيل.
وعلى هذا فإن البلاغة الجديدة عند أستاذنا د. حمزة -رحمه الله, تطوّع اللغة لتتسع للكثير الجديد في نطاق الفكر النظريّ, والتطبيقات العملية طواعيةً ليست في المفردات فحسب، بل في التراكيب وصور الأداء، قد أدت هذه البلاغة الجديدة المرتبطة بالصحافة نشأةً وبيئةً، إلى تحرير النثر العربيّ من تلك الأغلال والقيود التي كان يرسف فيها النثر القديم, والتي كان يتكلفها في أواخر القرن الماضي بحكم العادة.
ولم يكن بُدٌّ في ذلك الوقت الذي أحسَّ فيه العقل بحريته وشخصيته، من أن تشب الحرب ضروسًا بين المذهبين المختصمين دائمًا في النثر؛ مذهب أصحاب القديم, ومذهب أصحاب الجديد، وقد شَبَّتْ بالفعل هذه الحرب.
البلاغة الجديدة ترتبط بالصحافة إذن, وبفن التحرير الصحفيّ بصفة خاصةٍ, ونستند في هذا المذهب إلى مقولةٍ يؤيدنا فيها الدكتور طه حسين, من أن الصحفيّ مضطر بحكم صناعته, وما تستتبعه من العجلة والاتصال بالجماهير, إلى أن يتحلل من هذه القيود البديعية، ويتخلص من هذه الأغلال الفنية, وكذلك فعل الصحفيون من السوريين، وكذلك فعل الصحفيون المصريون أيضًا، واستطاع الشيخ محمد عبده، وسعد زغلول، وعبد الكريم سلمان, أن يكتبوا فصولًا لا تخلو من آثار القديم، فيها السجع, وفيها تكلف البديع والبيان، ولكنها بعيدةٌ كل البعد عما كان يكتب في أوائل القرن الماضي, ومنتصفه أيضًا، فيها حرية لفظية ومعنوية ظاهرة، وفيها اجتهاد في اختيار الحر من اللفظ
نام کتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي نویسنده : عبد اللطيف محمود حمزة جلد : 1 صفحه : 29