نام کتاب : المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية نویسنده : علي علي صبح جلد : 1 صفحه : 214
التصوير الأدبي:
أولًا: التجربة الشعرية
هو انفعال الشاعر بمشهد أو حدث أو فكرة أو موضوع أو عاطفة أو خاطرة، أو غير ذلك مما يهز المشاعر ويحرك الأحاسيس ويثير الوجدان، ويلهب العاطفة، ويحيي الخواطر ويبعثها، لتتلاحم كلها في عالم الشعور، أي: في معامل النفس والوجدان والمشاعر والعواطف في تجربة شعرية تتحرك إلى مجالها، مجال الأسلوب والإبداع في التصوير، الذي يتعاون فيه العقل والخيال معًا في انتقاء الألفاظ والأساليب والصور والموسيقى والإيقاع، ليتناسب الجميع مع الغرض والموضوع والمعاني والعاطفة والمحسنات، في اتزان وتوازن بين العقل والخيال؛ بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر في داخل النفس.
فإن طغى الخيال، وانطلقت العاطفة والمشاعر والوجدان انصهرت القصيدة في تصوير أدبي ينساب كالسراب بعيدًا عن الواقع والالتزام، مسرف في الذاتية والأنانية، ومتحرّر من كل ما يشد المشاعر إلى واقعه في الأرض، فيحلق الشاعر إلى برج بعيد يملؤه التمرد والتحرر المطلق، والذاتية المسرفة والأنانية الزاهدة.
وإن طغى العقل تنوعت القصيدة إلى عدة أشكال نتيجة للتحجر العقلي والإسار المنطقي، بما لا يتناسب مع طبيعة الشعر، فإما أن تكون القصيدة في أسلوب علمي يقرر القواعد والأصول، ويطلق الأحكام، ويعلن النتائج، وهو ما يطلق عليه النظم العلمي، مثل ألفية ابن مالك والبديعيات كالقصيدة البديعية لصفي الدين الحلي وغيرها.
وإما شعري تقليدي أثخنته الزخارف والأثقال، وتعثَّر في الجمود العاطفي والفكري، وتجمدت فيه المشاعر والأحاسيس، في نظم يدور على ما قاله القدماء، في تقليد أعمى بلا موهبة شعرية ولا استعداد أدبي لقول الشعر، وذلك مثل الشعر قبل البعث الأدبي المعاصر على يد البارودي ومن معه.
وإما محافظ "كلاسيكي" يطبق فيه الشاعر عمود الشعر العربي، لكنه في جفاف العقل ومقاييس المنطق، ويأبى أن تمتد شرايين الخيال، لتبعث فيه الحياة، ويكفيه أن يصور الحقيقة مقنعة، تأخذ مكانها من العقل لا الوجدان ولا القلب، وهذا الشعر يذهب عن قارئه بمجرد أن ينتهي لا يجد له أثرًا مثل شعر ابن عثيمين في السعودية، وشعر ابن نباتة المصري، والشيخ العطار من مصر وغيرهم.
نام کتاب : المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية نویسنده : علي علي صبح جلد : 1 صفحه : 214