نام کتاب : المنازل والديار نویسنده : أسامة بن منقذ جلد : 1 صفحه : 40
إن تك يا ربع قد بليت من الر ... يح، فإني بال من الحزن
قد كان يا ربع فيك لي سكن ... فصرت مذبان بعده سكني
شبهت ما أبلت الرياح من آثار ... حبيبي النائي إلى بدني
حاشاك يا ريح أن تكوني على ال ... عاشق عوناً لحادث الزمن
كثر الناس فيه، وتداولوه، وغني فيه عمرو الغوال، فقال أبو موسى الأعمى:
يا رب خذني، وخذ علياً، وخذ ... "يا ريح ما تصنعين بالدمن"
عجل إلى النار بالثلاثة والرا ... بع عمرو الغوال في قرن
وقال عمر بن شأس:
متى تعرف العينان أطلال دمنة ... لليلى بأعلى ذي معارك تدمعا
على النحر والسربال حتى تبله ... سجوم، ولم تجزع إلى الدار مجزعا
خليلي عوجاً اليوم نقض لبانة ... وإلا تعوجا اليوم لا ننطلق معا
قال أبو عمرو: كان بيهس بن صهيب بن عامر بن عبد الله بن نائل يهوى امرأة من قومه يقال لها: "صفراء" وكان يتحدث إليها، ويجلس في بيتها، ويكثر وجده بها، ولا يظهره لأحد، ولا يخطبها إلى أبيها، لأنه كان صعلوكاً لا مال له، وكان ينتظر أن يثرى، وكان شاعراً شجاعاً، له مواقف مشهورة، وكان من أحسن الشباب وجهاً وشارة، وحديثاً، وشعراً، فكان نساء الحي يتعرضن له، يجلسن إليه، ويتحدثن معه، فمرت به صفراء، فرأته جالساً مع فتاة منهن، فهجرته زماناً، لا تجيبه إذا دعاها، ولا تخرج إليه إذا زارها، وعرض له سفر، فخرج فيه، ثم عاد وقد زوجها أبوها رجلاً من بني أسد، فأخرجها وانتقل بها عن ديارهم، فقال بيهس بن صهيب:
سقى دمنة صفراء كانت تحلها ... نجاء الثريا طلها وذهابها
وجاد عليها كل أسحم هاطل ... ولا زال مخضراً مريعاً جنابها
أحب ثرى أرض إلي وإن نأت ... محلك منها، نبتها وترابها
على أنها غضبى علي وحبذا ... رضاها إذا ما أرضيت وعتابها
نظرت وقد زال الحمول، ووازنوا ... بركوة والوادي وحنت ركابها
فقلت لأصحابي: أبا لقرب منهم ... جرى الطير، أم نادى ببين غرابها!؟
وتوفيت "صفراء" قبل أن يدخل بها زوجها الأسدي، ولبيهس بن صهيب فيها أشعار يرثيها، وقد أوردت أخباره وأشعاره في صفراء في كتابي المترجم بكتاب "أخبار النساء" فاقتصرت على ما ذكرته ههنا من شعر، لما اقتضاه التأليف من ذكر الدمن.
وقال المتنبي:
قف على الدمنتين بالدو من ري ... ا، كخال في وجنة جنب خال
بطلول كأنهن نجوم ... في عراص كأنهن ليالي
وقال أبو تمام:
أراك أكبرت إدماني على الدمن ... وحملي الشوق من باد ومكتمن
لا تكثرن ملامي أن عكفت على ... ربع الحبيب فلم أعكف على وثن
فما وجدت على الأحشاء أوقد من ... دمع على وطن لي في سوى وطني
صيرت لي من تباري عبرتي سكناً ... مذ صرت فرداً بلا إلف ولا سكن
وقال المتنبي:
ذكر الصبي ومرابع الآرام ... جلبت حمامي قبل وقت حمامي
دمن تكاثرت الهموم على في ... عرصاتها، كتكاثر اللوام
وكأن كل سحابة وقفت بها ... تبكي بعيني عروة بن حزام
ليس القباب على الركاب وإنما ... هن الحياة ترحلت بسلام
ليت الذي خلق النوى جعل الحصى ... لخفافهن مفاصلي وعظامي
وقال أبو نواس الحسن بن هانئ:
لمن دمن تزداد طيب نسيم ... على طول ما أقوت
وحسن رسوم
تجافي البلى عنهن حتى كأنما ... لبسن على الإقواء ثوب نعيم
وما زال مدلولاً على الربع عاشق ... أسير لبانات، طليح هموم
يرى الناس أعباء على جفن عينه ... وإن حل في وادي أخ وحميم
وقال أيضاً:
يا كثير النوح في الدمن ... لا عليها بل على السكن
سنة العشاق واحدة ... فإذا أحببت فاستنن
ظن بي من قد كلفت به ... فهو يجفوني على الظنن
بات لا يعنيه ما لقيت ... عين ممنوع من الوسن
رشأ لولا ملاحته ... خلت الدنيا من الفتن
ما بدا إلا استرق له ... حسنه عبداً بلا ثمن
وقال البحتري:
أفي كل يوم منك عين ترقرق ... وقلب على طول التذكر يخفق
على دمنة فيها لأدمانة النقا ... محاسن أيام تخب وتعنق
نام کتاب : المنازل والديار نویسنده : أسامة بن منقذ جلد : 1 صفحه : 40