نام کتاب : المنهاج الواضح للبلاغة نویسنده : حامد عونى جلد : 1 صفحه : 145
أخرى[1]، وحقيقة الكلام: أراك متحيرًا في أمرك, مترددًا.
وإجراء الاستعارة فيه أن يقال: شبهت هيئة المتردد في أمره بين الإقدام والإحجام بهيئة رجل قام ليذهب إلى جهة, فتارة يعقد النية على الذهاب فيقدم رجلًا, وتارة يعدل فيؤخرها ثانيًا, والجامع الهيئة الحاصلة من إقدام تارة، وإحجام أخرى ثم استعير المركب الموضوع للمشبه به للمشبه بعد التناسي والادعاء على سبيل الاستعارة التمثيلية، والقرينة حالية؛ إذ إن المتردد المذكور لا يقدم رجلًا ولا يؤخر أخرى, فحالته على غير ما يدل عليه المركب وضعًا.
وسميت الاستعارة في المركب "تمثيلية" لجريان التشبيه فيه بين الهيئات المركبة من متعدد كما في هذين المثالين، أو للتنويه بعظم شأنها كأن غيرها لا تمثيل فيه؛ ولذا كانت محط أنظار البلغاء، وموضع تقديرهم.
وإذا فشت الاستعارة التمثيلية، وكثر استعمالها سميت "مثلًا", فالأمثال السائرة كلها من قبيل الاستعارة التمثيلية.
والمثل يراعى فيه المعنى الذي ورد فيه أولًا، فيخاطب به المفرد والمثنى والجمع, مذكرًا، أو مؤنثًا من غير تغيير في أصل العبارة؛ لأنه "كما قلنا" استعارة تمثيلية, والاستعارة يجب أن تكون لفظ المشبه به المستعمل في المشبه كما في مثال المتردد, فقد ورد في شخص معين ثم فشا استعماله حتى صار مثلًا يضرب لكل متحير في أمره، متردد فيه، مفردًا كان، أو مثنى, أو جمعًا, مذكرًا، أو مؤنثًا, فيقال لكل واحد ممن ذكر: أراك تقدم رجلًا وتؤخر أخرى، فينطق به كما ورد.
وأصل هذا المثل: أن الوليد بن يزيد لما بويع بالخلافة، وبلغه توقف مروان بن محمد في البيعة كتب له الوليد يقول: أما بعد: فإني أراك تقدم رجلًا وتؤخر [1] قوله: "تقدم رجلًا" أي: تارة, ومفعول "تؤخر" محذوف أي: تلك الرجل المقدمة "وأخرى" نعت "لتارة" المحذوفة, أي: تارة أخرى, وأصل الكلام: أراك تقدم رجلًا تارة, وتؤخرها تارة أخرى.
نام کتاب : المنهاج الواضح للبلاغة نویسنده : حامد عونى جلد : 1 صفحه : 145