نام کتاب : الهفوات النادرة نویسنده : الصابئ، غرس النعمة جلد : 1 صفحه : 87
342 - وحدثنا والدي رضي الله تعالى عنه قال: حدثني أبو سعد عبد الله بن فهد النصراني الكاتب قال: لما تقلد أبو القاسم بن فسانجس أعمال النهروانات في أيام الوزير فخر الملك أبي غالب، وأبو العلاء سعيد بن الحسن بن يزيد النصراني يتولى يومئذ ديوانها، اتفق أن رفع أبو القاسم من حسابها ما احتيج إلى الموافقة عليه وحضر بحضرة فخر الملك وجرى من الخطاب ما خرج فيه أبو العلاء إلى سوء الأدب واستعمال السرف، وعادته بذاك جارية، وثقل على أبي القاسم ما سمعه منه، وإمساك فخر الملك عن إنكاره عليه ومنعه منه، وانقضى المجلس على غيظ من أبي القاسم تجرعه وكظمه، وامتعاض أسره وكتمه، ومضت الأيام وقتل فخر الملك، ووزر أبو القاسم لسلطان الدولة بواسط، فقامت قيامة أبي العلاء من ذاك، وضاقت به الأرض بما رحبت، وبقي متحيراً بين الاستتار والتغيب أو المقام والتجلد، وورد أبو القاسم إلى بغداد فحمل بنفسه على أن لقيه، فلم ير منه ما ظنه به، ونفسه تحدثه بضد ما يظهره له ويشاهده، فلما كان في بعض الأيام وقد خرج من بين يديه منعه الحاجب وقال له: الوزير يأمرك ألا تنصرف إلا بعد استئذانه فما شك أنه الذي خافه وتوقعه. قال: فأقمت ساعة، ثم استدعاني فوجدته جالساً على الفاكهة وهو يأكل منها، فجلست وظننت أن ما بين يدي منها مسموم، فلم أزل أقلبه وأولع به ولا أتعرض له، وأحس بفعلي فأخذ كمثراة وقطعها وأكل منها ثم أعطاني باقيها فأكلته، وأنست قليلاً، وقمنا إلى الطعام فجرت حالي على مثل ذاك، وهو يطعمني مما يأكل، ويقدم إلي مما بين يديه تأنيساً بي وفرغنا، وخرجت لغسل يدي، واستدعاني وقال لي: أراك منقبضاً متجعداً وجلا منزعجاً، وأظن ذاك لتذكرك ذلك اليوم هيهات ما الأمر على ما تظن وإني لك على ما تحب وتهوى، وليس من المروءة ذكر ما مضى فقبلت يده ورجله والأرض بين يديه، ودعوت له وانصرفت ساكناً مطمناً.
?
343 - وحدثنا رضي الله عنه قال: كان الوزير أبو القاسم العلاء بن الحسن قد لقبه الديلم سياه سبال لقباً اشتهر به بينهم وفشا فيهم، إما لأنه كان أسود السبال دون لحيته، أو لأنه كان يخضبه، حتى إن أحد الديلم المتقدمين قال له في كلام دار بينهما: يا وزير سياه سبال بار خداه، فضحك منه وعلم الديلمي بما جناه عليه، فنهض خجلاً عجلاً، واستعيد فلم يعد ثم راسله بالاعتذار الشديد، وبقي مدة لا يلقاه حياء.
344 - وحدثنا رضي الله عنه قال: حدثني الوزير مؤيد الملك أبو علي الرخجي قال: عاد فخر الملك من الأهواز في خرجته الأولى للقاء سلطان الدولة أبي شجاع بن بويه، فاتفق أن حضر عيد أو فصل، وحضر أبو الفضل بن أبي أحمد الشيرازي لخدمته فيه على رسمه، وأنشده قصيدة مدحه بها وهناه بذلك اليوم فيها، ثم وصل آخر القصيدة بحديث جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك مع الرشيد في قتله إياه، وقرأه عليه مسنداً له عمن رواه، فاستطرفنا إيراده ما أورده منه من غير أمر يقتضيه، وثقل على فخر الملك ما سمعه، وعلينا ما أورده وتطيرنا على فخر الملك من اتفاق ما اتفق، وأقبل بعضنا على بعض يعجب من ذلك، وندم أبو الفضل على ما كان منه، وانحدر فخر الملك عائداً إلى الأهواز، فكان من أمره ما كان وجرت حاله مجرى جعفر بن يحيى في قتله، فسبحان الله ما أطرف هذا الاتفاق.
345 - وحدثنا رضي الله عنه قال: حدثني نجم الكفاة أبو عبد الله الحسين بن الحسن النسوي النائب قال: حدثني أبو القاسم البلخي المنجم قال: كان أبو الفضل عبد المسيح بن العلاء النصراني الكاتب صديقاً للوزير أبي الفضل بن سودميذ، ومختلطاً به، فاجتمعا على الرأي والسعي في نكبة الوزير فخر الملك أبي غالب، وتقلد أبو الفضل موضعه، وقبض على فخر الملك فاتفق أن كنت يوماً حاضراً عند ابن سودميذ وقد جاءه عبد المسيح، وتحدثا وأطالا السرار والإفصاح، فضرب ابن سودميذ في عرض حديثهما إلى دفتر كان بين يديه وفتحه ليتفاءل بأول ما يقع طرفه عليه منه، فوقع نظره على بيت من قصيدة لأبي تمام، على قوله:
وصرتَ وزيراً والوزارةُ مكرعٌ ... يغصُّ به بعد اللّذاذة كارعه
فرماه من يده، ثم أخذه بعد ساعة وفتحه، فخرج عليه البيت بعينه، فتطير منه ورماه في كانون تار كان بحضرته.
نام کتاب : الهفوات النادرة نویسنده : الصابئ، غرس النعمة جلد : 1 صفحه : 87