نام کتاب : الهفوات النادرة نویسنده : الصابئ، غرس النعمة جلد : 1 صفحه : 88
346 - وحدثنا رضي الله عنه قال: حدثني أبو طاهر الطهري حاجب فخر الملك وأبي محمد بن سهلان من بعده قال: كان في أبي محمد بن سهلان حدة من رزانة جميلة وله ألفاظ يوردها في كلامه واستراحات بين ألفاظه لا يحتملها أهل العراق، ومنها أنه كان يقول في أكثر أوقاته وضجراته: ليس تدرون من معكم في السفينة، فقال لي لما دخلنا بغداد: أنت أيها الحاجب تعرف من أخلاق البغداديين وعيوبهم ومذاهبهم في الإزراء على العجم وغيبتهم لهم وإيراد الحكايات عنهم ما لا أعلمه ولا أقف عليه ولا أخبره، وأريد أن تنبهني إلى ما أغفل عنه وأسهو فيه، وتلني على ما أتحفظ منه، ولا تراعي في ذاك هيبة الوزارة أو حشمة الرياسة، فإنها أمانة فقلت: السمع والطاعة، وكنت أشير إليه بإشارات في المواضع التي لا تحتمل الإفصاح، فيعرف ويرجع. وقلت له يوماً: هوذا تكثر من قولك "تدرون من معكم في السفينة" وهذا مما يستقبحه البغداديون ويعيبون عليه ويطعنون على قائله فيه، فقال: لم؟ فحاجزت ودافعت، وألح فقلت: نعم يقولون في الإنسان إذا استحمقوه: هو تيس في سفينة فأمسك. وكان ربما حملته الحدة والعادة على أن يقول ذاك، فإذا نظرت إليه فطن وقطع، وأمسك ورجع.
?
347 - وحدثنا رضي الله عنه قال: حدثني أبو نصر الحسن بن المصلحي الكاتب النصراني قال: كنا في يوم عيد بحضرة الوزير شرف الملك أبي سعد، والناس يدخلون إليه ويخدمونه ويهنونه، والشعراء ينشدونه ويمدحونه، إذا أنشد أحدهم فيه أنشد:
وأنت حصني الذي ألوذُ به ... فما لهُ قد تهدّمت شرفه
فتطيرت عليه من ذلك ومن مشاكله شرفه بشرف الملك لقبه ثم أنشده آخر قصيدة أولها:
عقدُ الصيامِ بيومِ العيدِ محلولُ ... فقلّد الكأسَ فالقنديلُ معزول
فازداد تطيري، وقدم الطعام، فبينا نحن نأكل إذ عثر المشاش وعلى رأسه طيفورية فيها أربعة صحون فرمى بها وكسرها، فكانت الثالثة في سوء ما اتفق، فلما كان في اليوم التاسع من شوال قبض عليه.
348 - وحدثني أيضاً قال: حدثني أبو الفتح بن المقلد الأصفهاني قال: حدثني أبو منصور الحسن الحلبي قال: كنت أكاثر الوزير شرف الملك أبا سعد بن ماكولة بالبصرة فأنشدته يوماً لعتراه الخياط، ولم أعلم أن شرف الملك أصفهاني:
لم تكن أصفهانُ يوماً من الدّه ... رِ بدارٍ لنا ولا رامَ شاذا
غير أني اعتمدتُ فيها كريماً ... من قريشٍ جعلتهُ لي ملاذا
بلدةٌ تمطرُ الترابَ علينا ... مثلما تمطرُ السّماءُ الرّذاذا
أهلها شرُّ عصبةٍ خلقَ الل ... هُ وأجفاهم للغريب وآذى
ولهم لحنُ منطقِ لستُ أدري ... هِ إذا قال ذا وجاوبَ هذا
ما تعلّمتُ منه إلا قليلاً ... إنّهم أبدلوا من الريح وإذا
كلُّ ما يأثرونهُ من ملوك ال ... فرس فيروزَ وابنه وقباذا
فإذا ما أعاذَ ربّي أناساً ... من عذابٍ كبعضِ من قد أعاذا
فحمى الله أهلها أن يصيبوا ... وزراً من عقابهِ وملاذا
خربت عاجلاً كما خرّبَ الل ... هُ بأعمالِ أهلها كلواذي
قال: فتغير لونه، وتمعر وجهه، واستحيا حياء بان غيظه من عرضه، وضحك إلي من حضر من أهله ضحكاً مستكلفاً متعملا، فتنبهت حينئذ على غلطتي وهفوتي، واعتذرت إليه اعتذاراً لم يمح منه قبيح زلتي.
349 - وحكى الوالد قال: حدثني أبو نصر الحسن بن منصور الصلحي الكاتب النصراني قال: حدثني الوزير النفيس أبو الفتح محمد بن الفضل ابن أردشير قال: كنت بالسيرجان مع الوزير أبي غالب الحسن بن منصور الملقب ذا السعادتين، فاتفق أن شربت عنده يوماً وسكرت سكراً سقطت معه شستجتي من كمي وفيها رقاع إليه قد أعطانيها أربابها لأتنجز لهم توقيعاته فيها، ومن جملتها رقعتان قد كتبت قديماً بخطي في إحداهما:
يا قليلَ موفورَ الصّلف ... والذي في البغى قد حاز السّرف
كن لئيماً وتواضع تحتمل ... أو كريماً يحتمل منكَ الصّلف
وفي الأخرى:
يا طارقَ البابِ على عبدِ الصّمد ... لا تطرقِ البابَ فما ثمَّ أحدْ
نام کتاب : الهفوات النادرة نویسنده : الصابئ، غرس النعمة جلد : 1 صفحه : 88