responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الوساطه بين المتنبي وخصومه ونقد شعره نویسنده : الجرجاني، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 100
وصول البرهان إليه. وإنما مدارُه على استشهاد القرائح الصافية، والطبائع السليمة، التي طالت مُمارستُها للشعر، فحذقَت نقدَه، وأثبتت عياره، وقوِيت على تمييز، وعرفت خلاصه، وأنما نُقابل دعواك بإنكار خصْمك، ونُعارض حُجّتك بإلزام مخالفك إذا صِرنا الى ما جعلتَه من باب الغَلط واللّحْن، ونسبتَه الى الإحالة والمناقضة، فأما، وأنت تقول: هذا غثٌ مستبرَد، وهذا متكلّف متعسّف، فإنما تخبِر عن نُبوِّ النفس عنه، وقلّة ارتياح القلب إليه.
والشعر لا يحبَّبُ الى النفوس بالنظر والمحاجّة، ولا يحلّي الصدور بالجِدال والمُقايسة؛ وإنما يعطِفها عليه القبول والطّلاوة، ويقرّبه منها الرونق والحلاوة؛ وقد يكون الشيء متقَناً مُحكماً، ولا يكون حُلواً مقبولاً، ويكون جيداً وثيقاً، وإن لم يكن لطيفاً رشيقاً.
وقد يجدُ الصورة الحسنة والخِلقة التّامة مقلية ممقونة، وأخرى دون مُستحلاة موموقة؛ ولكل صناعة أهلٌ يُرجع إليهم في خصائصها، ويُستَظهر بمعرفتهم عند اشتباه أحوالها.
ومما أُنكر أن يكون كثير مما عددته من هذه الأبيات ساقطة عن الاختيار، غير لاحقة بالإحسان، وأن منها ما غلب عليه الضعف، ومنها ما أثر فيه التعسّف؛ ومنها ما خانه السّبك؛ فساء ترتيبه، وأخلّ نظمه. ومنها ما حمل عليه التعمّق؛ فخرج به الى الغَثاثة والبرْد، وإن كان أكثرُها لم يأتِ من قِبَل المعنى وشرفه، وكنا نجد لكل واحد منها مثالاً يحسّنه، وشبيهاً يعضده ويسدده: ولكن الذي أطالبك به وأُلزمك إياه ألا تستعجل بالسيئة قبل الحسنة، ولا تقدّم السُخْط على الرحمة، وإن فعلتَ فلا تُهمِل الإنصاف جملة، وتخرج عن العدْل صِفراً؛ فإن الأديب الفاضل لا يستحسن أن يعقد بالعثرة على الذنب اليسير من لا يحمد منه الإحسان الكثير؛ وليس من شرائط النَّصفة أن تنعى على أبي الطيب بيتاً شذّ، وكلمة ندَرت،

نام کتاب : الوساطه بين المتنبي وخصومه ونقد شعره نویسنده : الجرجاني، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 100
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست