responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أنوار الربيع في أنواع البديع نویسنده : ابن معصوم الحسني    جلد : 1  صفحه : 229
حسن التخلص - هو الموضع الثاني من المواضع الأربعة التي نبه مشايخ البديع على وجوب التأنق فيها، وهو عبارة عن أن ينتقل المتكلم مما ابتدأ به الكلام من غزل، أو نسيب، أو فخر، أو وصف، أو غير ذلك إلى المقصود؛ على وجه سهل برابطة ملائمة؛ وجهة جامعة مقبولة يختلس به المقصود اختلاسا رشيقا، بحيث لا يتفطن السامع للانتقال من المعنى الأول إلا وقد رسخت ألفاظ المعنى الثاني في السمع، وقر معناه في القلب لشدة الالتئام بينهما، وأحسنه ما كان في بيت واحد، وما كان من الغزل إلى المدح، وإنما كان هذا الموضع من المواضع التي ينبغي للمتكلم أن يتأنق فيها، لأن السامع مترقب للانتقال من الافتتاح إلى المقصود كيف يكون، فإذا كان حسنا متلائم الطرفين حرك من نشاط السامع، وأعان على إصغاء ما بعده، وإلا فبالعكس، وقد تقدم الفرق بين التخلص والاستطراد في نوع الاستطراد.
ثم التخلص إنما اعتنى به المولدون ثم المتأخرون فلهجوا به كثيرا لما فيه من البراعة والدلالة على قوة عارضة الشاعر وملكته، وأما المتقدمون من الجاهلية والمخضرمين والإسلاميين فهو عزيز في كلامهم، نزر الوجود وإن وقع منهم فإنما يقع على سبيل الندرة، ومذهبهم في الانتقال إلى المدح الذي جروا عليه في غالب مدائحهم إنما هو الاقتضاب الآتي بيانه: فمن المخالص الواردة في كلام العرب قول زهير بن أبي سلمى، وهو من بديع التخلص:
إن البخيل ملوم حيث كان ول ... كن الجواد على علاته هرم
قال ابن حجة: انظر إلى هذا العربي القديم كيف أحسن التخلص من غير اعتناء في بيت واحد، وهذا هو الغاية القصوى عند المتأخرين الذين اعتوا به، وعلى كل تقدير فمن كلام العرب استنبط كل فن، فإنهم ولاة هذا الشأن، لكنهم كانوا يؤثرون عدم التكلف؛ ولا يرتكبون من فنون البديع إلا ما خلا من التعسف. انتهى.
ومها قول حسان بن ثابت في التخلص من الغزل إلى الحماسة:
قولي لطرفك أن يكف عن الحشا ... سطوات نيران الهوى ثم اهجري
وانهي جمالك أن ينال مقاتلي ... فينال قومك سطوة من معشري
إني من القوم الذين جيادهم ... طلعت على كسرى بريح صرصر
غير أن هذا المعنى معيب عند سماسرة الأدب الناسلين إليه من كل حدث فإن المتغزل لا يليق به الافتخار على محبوبته، ولا أخذ الثار منها، فإن دم المحب هدر.
وهذا كما عيب على الفرزدق قوله:
يا أخت ناجية بن سامة إنني ... أخشى عليك بني إن نذروا دمي
قالوا: ما للمتغزل وذكر الثأر؟.
وقول ربيعة بن مقروم أحد بني ضبة، شاعر مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام، يمدح مسعود بن سالم، وهو حسن التخلص أيضاً:
وجسرة أجد قدمى مناسمها ... أعملتها بي حتى تقطع البيدا
كلفتها فرأت حتما تكلفها ... ظهيرة كأجيج النار صيخودا
في مهمة قذف يخشى الهلاك به ... أصداؤه لا تني بالليل تغريدا
لما تشكت إلي الأين قلت لها ... لا تستريحين ما لم ألق مسعودا
ومن المخالص الواردة في كلام الإسلاميين قول الفرزدق وهو أحسن مخلص سمع لإسلامي:
وركب كأن الريح تطلب عندهم ... لها ترة من جذبها بالعصائب
سروا يخبطون الليل وهي تلفهم ... إلى شعب الأكوار من كل جانب
إذا آنسوا نارا يقولون ليتها ... وقد خصرت أيديهم نار غالب
وقول المغيرة بن حبناء - بفتح الحاء المهملة وسكون الموحدة وبعد النون ألف ممدودة - وهي أمه - على ما في القاموس - لا أبوه كما زعم صاحب الأغاني، والحبناء الضخمة البطن، وهو شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأموية، يمدح المهلب بن أبي صفرة:
حال الشجا دون طعم العيش والسهر ... واعتاد عينك من إدمانها الدرر
واستحقبتك أمور كنت تكرهها ... لو كان ينفع منها النأي والحذر
وفي الموارد للأقوام مهلكة ... إذا الموارد لم يعلم لها صدر
أمسى العباد بشر لا غياث لهم ... إلا المهلب بعد الله والمطر
كلاهما طيب ترجى نوافله ... مبارك سيبه يرجى وينتظر
ومن محاسن مخالص المولدين قول أبي قابوس الحميري في يحيى البرمكي:
أجدك ما تدرين أن رب ليلة ... كأن دجاها من قرونك ينشر
لهوت بها حتى تجلت بغرة ... كغرة يحيى حين يمدح جعفر
وقول مسلم بن الوليد:

نام کتاب : أنوار الربيع في أنواع البديع نویسنده : ابن معصوم الحسني    جلد : 1  صفحه : 229
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست