responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أنوار الربيع في أنواع البديع نویسنده : ابن معصوم الحسني    جلد : 1  صفحه : 230
يقول صحبي وقد جدوا على عجل ... والخيل تستن بالركبان في اللجم
أمغرب الشمس تنوى أن تؤم بنا ... فقلت كلا ولكن مطلع الكرم
قال الصفدي: وهذا في غاية الحسن التي تكبو الفحول دون بلوغها وتعجز الشعراء عن الظفر بمصونها والتحلي بمصوغها.
وقد أخذه أبو تمام فأغار على اللفظ والمعنى، وقال في مخلص قصيدة يمدح بها عبد الله بن طاهر ذي اليمينين الخزاعي:
يقول في قومسٍ صحبي وقد أخذت ... منا السرى وخطا المهرية القود
أمطلع الشمس تبغي أن تؤم بنا ... فقلت كلا ولكن مطلع الجود
وأخذه أبو إسحاق الغزي أيضاً وسبكه لما قال:
تقول إذا حثثناها وظلت ... تناجينا بألسنة الكلال
إلى أفق الهلال مسير ركبي ... فقلنا بل إلى أفق النوال
فأين معالي الشمس ممن يحاول، وأين الثريا من يد المتناول
ومن محاسنها أيضاً قول أبي نواس:
وإذا جلست إلى المدام وشربها ... فاجعل حديثك كله في الكأس
وإذا نزعت عن الغواية فليكن ... لله ذاك النزع لا للناس
وإذا أردت مديح قوم لم تمن ... في مدحهم فامدح بني العباس
وقوله في مخلص قصيدة يمدح بها الخصيب بن عبد الحميد صاحب الخراج بمصر، أولها:
أجارة بيتينا أبوك غيور ... وميسور ما يرجى لديك عسير
فإن كنت لا خلما ولا أنت زوجة ... فلا برحت دوني عليك ستور
وجاورت قوما لا تزاور بينهم ... ولا وصل لا أن يكون نشور
فما أنا بالمشغوف ضربة لازب ... ولا كل سلطان علي قدير
وإني لطرف العين بالعين زاجر ... وقد كدت لا يخفى علي ضمير
يقول: أزجر بعيني عيون الناس فاعلم ما في ضمائرهم. وبعده:
تقول التي من بيتها خف محملي ... عزيز علينا أن نراك تسير
أما دون مصر للغنى متطلب ... بلى إن أسباب الغنى لكثير
فقلت لها واستعجلتها بوادر ... جرت فجرى من جريهن عبير
ذريني أكثر حاسديك برحلة ... إلى بلد فيه الخصيب أمير
إذا لم تزر أرض الخصيب ركابنا ... فأي فتى بعد الخصيب تزور
فتى يشتري حسن الثناء بماله ... ويعلم أن الدائرات تدور
وهي قصيدة طويلة بليغة أحسن فيها كل الإحسان.
يروى: أنه لما قدم أبو نواس على الخصيب بمصر صادر في مجلسه جماعة من الشعراء ينشدون مدائح لهم فيه، فلما فرغوا قال الخصيب: ألا تنشدنا أبا علي؟ فقال: أنشدك أيها الأمير قصيدة هي بمنزلة عصى موسى تلقف ما يأفكون. فأنشده هذه القصيدة، فلما فرغ من إنشادها أمر أن يملأ فمه جوهرا.
وفي كتاب آداب الغرباء: أن أبا نواس كان عائدا من الشام إلى بغداد قال: فإني على ظهر فرسي إذ ترتمت بهذه الأبيات (تقول التي من بيتها خف محملي- الأبيات) قال: فسمعت من ورائي شهقة، فالتفت فإذا شيخ عليه أطمار رثة يقود فرسا أعجف، فقال لي: أعد يا أبا نواس هذه الأبيات، فأعدتها، قال: فيمن هذه؟ قلت امتدحت بها الخصيب أمير مصر، قال: ما أرفدك؟ قلت أنه ملأ فمي جوهرا بعته بمائة ألف درهم، قال: أتعرفه؟ قلت: نعم، قال: إني والله الخصيب. فلما عرفته نزلت عن دابتي وقبلت يده ورجله، فقال: لا تفعل. ثم سألته عن سبب تغير أمره فقال لي: قولك (الدائرات تدور) . قال: فدفعت إليه جميع ما معي من مركوب ونفقة وثياب، وسألته قبولها، فأبى وقال: والله لا أخذت من يد أرفدتها. ثم ركب دابته وتركني ومضى. انتهى.
ومن محاسن التخلص للمولدين أيضاً قول ابن المعتز:
قايست بين جمالها وفعالها ... فإذا الملاحة بالقباحة لا تفي
والله لا كلمتها ولو أنها ... كالشمس أو كالبدر أو كالمكتفي
وقول علي بن الجهم:
وليلة كحلت بالنفس مقلتها ... ألقت قناع الدجى في كل أخدود
قد كاد يغرقني أمواج ظلمتها ... لولا اقتباسي سنىً من وجه داود
وقوله أيضاً يذكر سحابة:
أتتنا بها ريح الصبا فكأنها ... فتاة تزجيها عجوز تقودها
فما برحت بغداد حتى تفجرت ... بأودية ما تستفيق مدودها
فلما قضت حق العراق وأهله ... أتاها من الريح الشمال بريدها
فمرت تفوت الطرف سعيا كأنها ... جنود عبيد الله ولت بنودها

نام کتاب : أنوار الربيع في أنواع البديع نویسنده : ابن معصوم الحسني    جلد : 1  صفحه : 230
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست