responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أنوار الربيع في أنواع البديع نویسنده : ابن معصوم الحسني    جلد : 1  صفحه : 345
قالت عائشة: ثم دخل علي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعندي أبواي وعندي امرأة من الأنصار, وأنا أبكي وهي تبكي معي, فجلس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا عائشة إنه قد كان ما بلغك من قول الناس فاتقي الله, فإن كنت قارفت سوء مما يقول الناس فتوبي إلى الله, فإن الله يقبل التوبة من عباده. قالت: فو الله ما هو إلا أن قال لي ذلك فقلص دمعي حتى ما أحس منه شيئا, وانتظرت أبوي أن يجيبا عني فلم يتكلما.
قالت: وأيم الله لأنا كنت أحقر نفسي وأصغر شأنا أن ينزل الله فيّ قرآنا يتلى في المسجد ويصلى به, ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في نومه شيئاً يكذب الله به عني لما يعلم من برائتي, أو يخبر خبرا. فأما قرآن ينزل فيّ فو الله لنفسي كانت أحقر عندي من ذلك.
قالت: فلما لم أر أبوي يتكلمان قلت لهما: ألا تجيبان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ فقالا: والله ما ندري بماذا نجيبه. قالت: ووالله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكر في تلك الأيام. فلما استجمعا عليّ استعبرت فبكيت ثم قلت: والله لا أتوب إلى الله, لا أتوب إلى الله عما ذكرت أبدا, والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس - والله يعلم أني منه بريئة - لأقولن ما لم يكن, ولئن أنا أنكرت ما يقول الناس لا يصدقونني. ثم التمست اسم يعقوب فما أذكره فقلت: ولكني أقول كما قال أبو يوسف (فصبر جميل ولله المستعان على ما تصفون) .
قالت: فو الله ما برح رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مجلسه حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه, فتسجى بثوبه, ووضعت له وسادة من أدم تحت رأسه. فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت فو الله ما فزعت ولا باليت قد عرفت أني بريئة, وإن الله غير ظالمي. وأما أبواي, فو الذي نفس عائشة بيده, ما سري عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فرقا من أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس. ثم سري عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم, فجلس وأنه لينحدر منه مثل الجمان في يوم شات, فجعل يمسح العرق عن جبينه ويقول: ابشري يا عائشة فقد أنزل الله براءتك. فقلت: بحمد الله.
ثم خرج إلى الناس فخطبهم وتلا عليهم ما أنزل الله عليه من القرآن في ذلك, ثم أمر بمسطح بن أثاثة, وحمنة بنت جحش, وحسان بن ثابت - وكانوا ممن أفصح بالفاحشة - فضربوا حدهم.
قالت: ولما نزل في القرآن ذكر من قال من أهل الإفك فقال (إن الذين جاؤا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما أكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم) قيل: إنه حسان وأصحابه, وقيل: عبد الله بن أبي وأصحابه. ثم قال (لولا إذ سمعتوه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين) أي هلا قلتم إذ سمعتوه كما قال أبو أيوب الأنصاري وصاحبته أم أيوب, وذلك أنها قالت لزوجها: يا أبا أيوب ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة؟ فقال بلى, وذلك الكذب, أكنت يا أم أيوب فاعلته؟ قالت: لا والله ما كنت لأفعله, قال: فعائشة والله خير منك. ثم قال تعالى (إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم) . فلما نزل هذا في عائشة قال أبو بكر - وكان ينفق على مسطح لقرابته وحاجته -: والله لا أنفق على مسطح أبدا, ولا أنفعه بنفع أبدا بعد الذي قال لعائشة. قالت: فأنزل الله في ذلك (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسمعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم) . قالت: فقال أبو بكر: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي, فرجع إلى مسطح نفقته التي كان ينفقها وقال: والله لا أنزعها منه أبدا.
وكان حسان قد عرض بصفوان بن المعطل بقوله:
أمس الخلابيس قد عزوا وقد كثروا ... وابن الفريعة أمسى بيضة البلد
فلما بلغ ذلك صفوان اعترض حسان فضربه بالسيف ثم قال:
تلق ذباب السيف عني فإنني ... غلام إذ هوجيت لست بشاعر
ولما سري عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: يا عائشة أما والله لقد برأك الله. فقالت أمي: قومي إليه, قالت عائشة: فقلت: والله لا أقوم إليه ولم أحمد إلا الله.
وبيت بديعية الصفي الحلي رحمه الله قوله:

نام کتاب : أنوار الربيع في أنواع البديع نویسنده : ابن معصوم الحسني    جلد : 1  صفحه : 345
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست