نام کتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 313
كان السياب قد قراه في قصيدة لماثيو آرنولد بعنوان " إنسان البحر المهجور " ففيها يصور الشاعر كيف ان المرأة الإنسية التي تزوجها إنسان البحر سمعت وهي في الأعماق أصداء الأجراس الفضية تدندن من برج الكنيسة القائمة على الساحل؟ [1] .
ان حنين الشاعر إلى الموت الفتان من خلال بويب كان يعني حنينه إلى جيكور، لآن الاسمين يتلازمان في ذهنه، وقد صده عن هذه العودة هنا شعوره بالمسئولية التي تهيب به أن يكون في صف المناضلين ولذلك نجده منقسم نفس بين الطفولة والموت الصامد البطولي، وهذه اشارة هامة تدل على أن إحساس السياب بالمفاضلة بين العودة إلى الطفولة والتضحية في سبيل المجتمع يبدأ من هذه النقطة؛ ومرة أخرى استبد به الحنين إلى جيكور، لأنه كان يحس إحساساً لا يقاوم بقوة جواذب هذه العودة، وفي قصيدة " جيكور والمدينة " يتمثل هذا الشعور على أشده. ألا ان جيكور قام من دونها " سور وبوابة واحتوتها سكينة "، والسبب في ذلك ان ابن جيكور قد اختطفته المدينة وأسرته، فأصبحت دروبها تلتف حوله كأنها حبال من نار تجلد كل ذكريات في نفسه عن جيكور وتحرق جيكور المستقرة في أعماق روحه، وتلك الدروب كالموت لم يعد منها أحد تاه في شعابها؛ ويصب الشاعر نقمته على المدينة: فهي بقعة غاب الله عنها، والليل؟ فردوسها الرحب - مبادءة للعهر، والإنسانية قد تحولت إلى وحوش ذات مخالب، ورب المدينة [1] انظر قطعة بعنوان " عبد الماء في شط العرب "، مجلة الأسبوع من صحيفة الشعب، السبت 12 تموز 1958؛ وقد أصبحت صورة " الأجراس " ملازمة للسياب فهو لا يستعملها في تصوير بويب أو الموت وحسب وإنما يستعملها في تصوير إحساسه بتكور القصيدة " أحس بأجراس خافتة، أجراس مطر وزهر، تقرع في نفسي مبشرة بميلاد قصيدة " (من رسالة له بتاريخ 24/10/63 نشرت في ملف مجلة الإذاعة: 4) .
نام کتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 313