نام کتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 314
رحى صفراء تتبادلها اكف التجار وتلمع لمعان السمك في جيكور ويسميها أهل المدينة " النضار "، ولهذا الإله لهات امتد في كل دار وسجن ومقهى كأنه كرمة عساليجها من عروق تموز، وقد اطلعت هذه الكرمة ثمراتها في كل مستشفيات المجانين وفي كل مبغى لعشتار، وكانت هذه الثمرات " مصابيح لم يسرج الزيت فيها وتمسسه نار " وقد كتب عليها قول يشبه ما قاله المسيح: " هذا دمي وهذا لحمي ".
أما تموز نفسه فان لات تنوح عليه، تريده أن يرجع إلى جيكور:
وترسل النواح: " يا سنابل القمر ... دم ابني الزجاج في عروقه انفجر ... فكهرباء دارنا أصابت الحجر ... وصكه الجدار، خضه، رماه لمحة البصر ... أراد أن ينير، أن يبدد الظلام.. فاندحر " ... فهذا تموز " المعاصر " يريد ان يبدد ما يكتنف المدينة من ظلمات بنور عقله وقلبه وشعلة إلهامه، فيموت موتا عصريا بقوة من قوى المدينة نفسها إذ تصعقه " كهرباؤها " ولهذا يحس الشاعر انه أسير وأن العودة مستحيلة " فمن حيث دار اشرأبت إليه المدينة ".
ونلحظ في هذه القصيدة اجتماع رمزي تموز والمسيح، وانتقال الشاعر من نغم إلى آخر حين أراد أن يصور نواح اللات، وهذا أمر قد ألفه الشاعر في قصائده، ويجب ألا يحكم عليه بقانون عام بل يدرس في كل قصيدة على حدة، وقد جاء في هذه القصيدة طبيعيا لأنه يمثل النقلة بين موقف الشاعر الوصفي من المدينة وموقف اللات وهي تبتهل لعلها تسترد أي جزء من ابنها الذي قتلته المدينة.
وتتدرج القصيدة من تصوير دروب المدينة وهي تيه متعشب متطاول إلى تصوير ليلها فتزداد فكرة الضياع بحلكة الصورة ماديا
نام کتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 314