responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره نویسنده : إحسان عباس    جلد : 1  صفحه : 315
(ومعنويا لفقدان الحب والروح والألوهية في ذلك الليل) ، ثم إلى تصوير اله المدينة وهو رحى من لظى لا تضيء وإنما تقتل، وشرايين تطلع مصابيح ليس فيها عنصر من النور الالاهي " لم يسرج الزيت فيها وتمسسه نار "، وفي هذا التيه الكبير يقتل ابن جيكور فتبكيه أمه، وبذلك يحال بينه وبين جيكور التي قام من دونها سور وبوابة مغبقة. وهذه هي القصيدة الثالثة من قصائد هذه الفترة حيث نجد السياب لا يعييه المبنى الفني الدقيق، فالتقابل بين ضربين من الموت رسم بدقة حتى في الصور التفصيلية في قصيدة " النهر والموت " والتدرج بين الاختناق بالجفاف والانبعاث بالمطر في قصيدة " مدينة بلا مطر " يكاد لا يشكو أي خلل، وكذلك كان الحال في قصيدة " جيكور والمدينة " بل إننا نلحظ أن الصنعة التفننية التي لا تكون عفوية قد أخذت تستأثر باهتمام الشاعر ليكفل لبناء القصيدة مزيدا من الإحكام، ولنأخذ قصيدة " جيكور والمدينة " مثالا لذلك، فالقصيدة تعتمد أولا على تطاول الدروب التي يشبهها الشاعر بالحبال، ولكنك تحس أن صورة الحبال المتمطية ستكون محورية في حركة القصيدة، فهي تمتد وتلتف اولا على هيئة دروب لا نهايء لها، وكل شيء سيمتد بامتدادها، فالصخر يرسل غصونا، والحجار تكسب عروقا، والطريق إلى جيكور يمتد عبر الدهاليز، عبر الدجى والقلاع الحصينة (طويل هو ذلك الطريق حتى ليكون طوله وحده سببا في الخرمان من الوصول) واله المدينة قد مد كرم عساليجه في أنحاء المدينة على شكل شرايين تغلغلت في كل دار وسجن ومستشفى ومبغى، ويكون موت ابن جيكور بانفجار الزجاج في عروقه الممتدة في جسمه، وهكذا يتم انفجار عرقه لأنه لا يستطيع أن يجد الخلاص من تلك العروق الطويلة الممتدة من حوله كالأخطبوط. ولو أننا أخذنا صورة أخرى لوجدنا أن هناك دقة متعمدة في الرسم، فصورة الضوء جملة ذات أهمية تضارع أهمية الحبال في القصيدة

نام کتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره نویسنده : إحسان عباس    جلد : 1  صفحه : 315
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست