نام کتاب : تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين نویسنده : لويس شيخو جلد : 1 صفحه : 106
(حكاية) كان بعض العرب يُنشد من شدَّة الظمأ، وقد علا عليه حرُ البادية وحَمَى:
يا ليت قبل منيَّتي ... يوماً أفوزُ بمُنيتي
نهراً يُلاطم ركبتي ... وأظلُ أملا قُربتي
(حكاية) كذلك ظلَّ في قاع البسيطة بعض السفَّار، ولم يبقَ معهُ قوتٌ ولا قوة اقتدار، ما خلا يسراً من الدراهم قد ادَّخره في وسطِه ولم ينفقه في الضيق، ولا اهتدى بعد أن طاف كثيراً إلى الطريق، فهلك بالمشقَة، وبعد المشقَّة، فمرَّ عليه طائفة من الناس، فوجدوه قد وضع الدراهم عند الرأس، وخط على التراب من عدم القرطاس:
جميعُ نُضار الجعفريّ لمن خلا ... عن الزادِ لا يغنيه شيئاً من الضرِ
ومن يحترق في الفقر فقراً فأنهُ ... لهُ السلجمُ المطبوخُ خيرٌ من التبرِ
وفي تقريظ ترجمة هذا الكتاب قال شهاب الدين الشاعر المصري:
كواكبٌ أشرقتْ تزهو بأنوارِ ... أم لاح لي روضُ أزهار وأنوارِ
كلاّ بل الألمعيُّ اللوذعيُّ بدا ... منهُ بدائعُ أسجاعِ وأشعارِ
زهتْ معاني جُلِستانَ البديعةُ في ... ما صاغِ من عربيّ اللفظِ للداري
لا غرو أن جاءَ جبريلُ الكريمُ بما ... مقرؤهُ حيثُ يُتلى يعجب القاري
معرَّب عبَّرت عنهُ براعتهُ ... عبارةٌ أظهرتهُ أي إظهارِ
منثورهُ دررٌ في سمطهِ نُظمت ... نظماً بلاغتهُ جاءَت بأسرارِ
وإذ زها حسنهُ بالطبع مبتهجاً ... أرَّختُ أزهى بهيجٌ روضَ أزهارِ
(مارون النقاش) هو مارون بن الياس بن مخائيل النقاش ولد في صيدا سنة 1817 ثم انتقل مع والده إلى بيروت وانكب على دروس اللغات والآداب العربية حتى حذق فيها واخذ عن المرسلين اللاتينيين مبادئ اللغتين الفرنسوية والإيطالية. وكان مارون مع سعة علمه فاضلا تقياً متشبثاً بالدين مثابراً على تعاليمه وقد جعلتهُ الحكومة السنية باشكاتباً لدواوين (كمارك) بيروت وملحقاتها. ثم تجول مدة في القطر المصري وأجتمع بأدبائه ثم ساح في أنحاء أوربا ورجع مغرى بفن التمثيل فعرَّب عدة روايات وسعى بتشخيصها وكان أول من مهد الطريق لهذا الصنف من الملاهي في هذه البلاد. وقد طبع بعد وفاته أخوه نقولا المحامي الشهير قسماً من رواياتهِ في كتاب سماهُ أرزة لبنان يحتوي روايات البخيل والمغفل والحسود حذا فيها مارون حذوَ الرواية موليار الفرنسوي وأودعها كثيراً من العادات الشرقية. وجارهّ في عملهِ أخوهّ نقولا المذكور وسليم ابن أخيهِ خليل فراجت بذلك سوق الروايات ويا ليتها كسدت مع كثرة مضارها وقلة من يراعون فيها الأدب الصالحة. ثم سافر مارون
نام کتاب : تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين نویسنده : لويس شيخو جلد : 1 صفحه : 106